Free Essay

Accounting

In:

Submitted By ahmadkhalili
Words 12508
Pages 51
التأمين بين التشدد والتساهل

لفضيلة الشيخ
عدنان العرعور
(

المقدمة

الحمد لله ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ρ.

أما بعد : فقد انتشرت شركات التأمين في معظم البلاد ، وكثر تساؤل المسلمين عن حكمه ، فهبّ علماء المسلمين ، يبينون حكمه ، ويفصلون أمره ( 1 )، في كتب معظمها كُتب بأسلوب علمي ، وعبارات فقهية دقيقة ، يصعب على كثير من الناس تناولها ، لأجل ذلك كتبت هذا البحث ، مراعياً فيه بساطة العبارة ، وسهولة الأسلوب ، ليتوافق ومدارك كثير من المسلمين ، الذين تهمهم هذه المسألة هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، فإن الباحثين فيه كانوا طرفين ووسطاً ، طرف حرم جميع أنواع التامين دونما تفصيل ، وطرف أباح جميع معاملاته دونما تمييز ، وطرف فصل وبين منه ما هو حرام وعن ما هو مباح ، وقد أتسم هذا البحث بالوسطية والسهولة ، والأعراض عن ذكر الأعيان قدر الإمكان ، طلبا للتجرد العلمي ، وبعدا عن التأثر الشخصي . وقدمت بين يدي البحث قواعد إيمانية ، وأصولا فقهية ، كي يسهل على القارئ فهم المسألة، والانقياد للحق . كما أقدم جزيل الشكر لشيخنا محمد العيد العباسي –حفظه الله-على تكرمه بمراجعة الكتاب وماقام به من تصحيح ، و الله أسأل الإخلاص و السداد والقبول ، إنه خير مسؤول .

مسائل و قواعد بين يدي البحث : قبل البدء في بيان حكم التأمين ،لا بد من الإشارة إلى بعض المسائل المهمة ، من القضايا الإيمانية و القواعد العلمية، ،لما لها من أهمية في بحثنا هذا :

القضية الأولى : منشأ فكرة (( التأمين التجاري )). من المعلوم عند الجميع أن (( فكرة التأمين التجاري )) من بنات أفكار غير المسلمين ، وأن عقودها قد صاغتها عقولهم المنسلخة من قيود الحلال والحرام، لمصالحهم التجارية ، ولتحصيل الأرباح بأي طريق كان، مشروعاً أو غير مشروع ،ولذلك ينبغي التروي والنظر، قبل الأخذ بمثل هذه المعاملة .

القضية الثانية : الإسلام ليس دينا جامداً ، لا يقبل أي معاملة تحدث : و مع أن منشأ فكرة التأمين من غيرنا ؛ فإن شرعنا لم يمنعنا من النظر في معاملاتهم ، وبخاصة تلك التي تنتشر بين المسلمين ، لنأخذ منها ما كان فيه مصلحة واضحة ، في ظل ضوابط شرعنا الحنيف ، فديننا ليس ديناً جامداً لا يقبل الحق ، ولا معاملاتُه محدودةً لا تقبل التطور ، ولا تستوعب الصور المحدثة، ضمن إطاره العام، وفي ظل تعليماته السامية ، وأحكامه الراسخة ،بل ديننا يقبل كل حق ، ويسع كل خير ، ويستوعب كل معاملة مباحة ، على أن لا تتناقض مع أحكامه ، ولا تتعارض مع أصوله .

القضية الثالثة : الإسلام حاكم لا محكوم : من البدهيّ : أن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه ، ويحكم ولا يُحكم عليه ، فلا يُطَوَّع الإسلام لأحكام غيره ، وإنما هو السيد المطاع ، وما عداه من الأحكام يجب أن يخضع لحكمه، وهو الذي تعرض عليه الأمور ، فيقبل منها ما يريد ،ويرفض ما يريد، ورفضه وقبوله كله عدل وحكمة ، وأحكامه يجب أن تعلو في نفوس المؤمنين ، وفي واقعهم ، فلا يمكن أن يكون هناك حكم أفضل من أحكامه ، ولا معاملة خيرا من معاملاته .. فلا يعلوه شيء من الأحكام ، ولا من المعاملات ، فضلاً عن العقيدة و العبادة .. ( ألا له الخلق والأمر ( [ الأعراف 54]... سبحانه.

( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ( [المائدة : (49)].

وهذا الذي يجب أن يكون في نفس كل مؤمن ، حتى تتحقق عنده صحة التوحيد ، وتزداد قوة الإيمان ،وأن الحكم كلّه لله ، قال تعالى : ( إن الحكم إلا لله ( [يوسف 40 ] وقال تعالى : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه ([المائدة : (48)]. وقال تعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ( [التوبة : (33)]. " على الدين كله ": أي على كل دين سماوياً كان أو أرضياً ، وعلى كل ملة وطريقة ، ونظام ودستور .

القضية الرابعة :التحريم والتحليل لله لا للمصالح والأهواء : من المسلّم به عند كل مسلم: أن المباحات والمحرمات لا تخضع للمصالح الظاهرة ( 1 ) ،ولا للأهواء الشخصية ،و إنما يخضع التحريم والتحليل لحكم الله عز وجل ورسوله ρ، قال تعالى : (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ( [ النحل 116 ]. وذلك لأننا لا نعلم حقائق الأمور . وبواطن الأشياء ، ومآل المعاملات . قال تعالى : (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ( الآية [ الروم 7 ] . وقال تعالى : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ( [ الإسراء 85 ] .

فكم من معاملة نظن أن بها مصلحة لنا ،فإذا بها تعود علينا بالمفاسد.. وكم من شهوة نظن أن فيها نفعا لنا ، فإذا بها تجلب علينا المصائب .. وكم من قضية نظن أن ليس فيها خير لنا، فإذا فيها كل خير .

قال تعـالى : ( و عســـى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم ، و عســــــى أن تحبوا شيئا و هـو شـــــــر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ( [ البقرة 216 ] . و لا شك عند المؤمن أن المصلحة الحقيقية، و المنفعة الكبرى هي في طاعة الله ورسوله ( ، والتسليم لحكم الله ورسوله ، وليس من الدين في شيء ، إعمال العقل في مواجهة النصوص ، أو تقديم الهوى والمصلحة على طاعة الله ورسوله ( . قال تعالى: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا ( [ الأحزاب 36 ].

بل يجب التسليم والإذعان . ورفع الحرج والشك من النفس في أحكام الدين إن وجدا .

قال تعالى :( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ([ النساء 65 ]. بل لا يصح الإيمان إلا بالتسليم والإخلاص . قال تعالى : ( ومن أحسن دينا ًممن أسلم وجهه إلى الله وهو محسن ( [ النساء 125 ]. فليس على المسلم الصادق الواعي إلا أن يسلم لأحكام ربه ،و يحسن في عمله. فطوبى لمن أيقن أن الله أعلم وأحكم ، وأن كل حكم من الله في تحليل أو تحريم ، هو خير كله ، وفيه مصلحة للعباد ،كل العباد ،سواء ظهرت المصلحة أم لم تظهر ، وســواء علمت أم لم تعلم .

القضية الخامسة : أنواع المحرمات ، وكيفية القياس عليها: إن المطلع على شريعة الله ، والدارس لأصول الفقه ، يعلم : أن المحرمات نوعان : إما منصوص على تحريمها لذاتها ، كتحريم زواج المحارم ،وهذه لا يقاس عليها غيرها . وإما محرمات لعلة مبيّنة فيها ، كتحريم الربا والخمر ، فهذه التي يقاس عليها مثيلاتها من المعاملات المحدثة ، فكلما وجدت علة التحريم في صورة من الصور- أي: في معاملة من المعاملات- ، وجد حكم التحريم ، دون النظر إلى اسم المعاملة أو غايتها ، وإنما بالنظر إلى وجود علة التحريم فيها من عدمها ، على القاعدة الأصولية المعروفة " الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً" ( 1 ) . فمثلاً : علة الخمر (( الإسكار )) ( 2 )،فأينما وجدت علة الإسكار ، في أي مشروب مهما كان اسمه أصبح محرماً ،فإذا زالت العلة ، ولو من نفس الشراب - بأي سبب من الأسباب - أصبح حلالاً ، فعصير العنب مباح ، فإذا بقي أياماً ، أو أضيف إليه شيء فأصبح مسكراً ، صار حراماً ، فإذا انقلب المسكر خلاً ، انقلب الشراب نفسه مباحا ،ً بعد أن كان حراماًً . و علة الربا :(( الزيادة على القرض بشرط مسبق )) ،فإذا وجدت الزيادة في أي قرض ، وعلى أية صورة ، أصبحت المعاملة ربوية محرمة ، فإذا زالت العلة أصبحت المعاملة مباحة ، وهكذا يحكم على المعاملات المحدثة...تُعرّف أولا التعريف الفقهي ، ثم تستخرج علتها ، ثم ينظر : هل العلة محرمة أم لا ؟...فالعلّة في الأشربة المحرمة هو الإسكار ، والعلّّة المحرمة في البيوع هو الغرر ، وهكذا... والخلاصة : أن التحريم لا يتعلق باسم ، أو مصلحة متوهمة ،أو ظاهرة بادي الأمر ، أو غير ذلك ، وإنما الحكم الشرعي مُناط بنص أو علة ، لا بغاية ونيّة.

القضية السادسة : الأصل في المعاملات الإباحة :

من عظمة هذا الدين وأصالته ،ورسوخه وقوة بنيانه ،أن كانت أحكام المعاملات فيه مغايرة لأحكام العبادات ، فإذا كان الأصل في العبادات الاتباع ، ولا يجوز إحداث أو قبول أي نوع محدث من أنواع العبادات مهما دق ؛ فإن الأمر يختلف في المعاملات إذ (( الأصل في المعاملات الإباحة )) إلا إذا تبين حرمتها .

فإذا وجدت معاملة لا تحريم فيها نصاً، وليس فيها علة تقتضي تحريمها، فإنها تبقى على الإباحة بناءً على الأصل في المعاملات ، مهما كان شأنها ، وأيّا كان مصدرها ، وهذا من حكمة هذا الدين، وتأصيله المتين ، ورحابة تعليماته ، وأصالة تقعيداته ، كيما يكون مناسباً لكل حال وزمان ، ومجتمع ومكان( 1 ).

القضية السابعة : هل تباح بعض المحرمات للحاجة ؟ من القواعد المشهورة المُسَلَّم بها : (( الضرورات تبيح المحظورات )) ، ولكن ، هل تباح بعض المحرمات للحاجة ؟... قلت : الذي عليه العلماء المحققون ،أن المحرمات التي حرمت سدا للذريعة ، تباح عند الحاجة الملحة، وهي دون الضرورة ، وهي التي بفواتها تفوت مصلحة كبيرة ، أو يقع المرء في مشقة شديدة ، وقد ذهب جمع من فحول العلماء إلى إباحة ذلك ، حسب القاعدة التالية : ( كل ماحرم سداً للذريعة ،يباح عند المصلحة الراجحة ،أو عند دفع المفسدة الواقعة ) . قال النووي : ( قال العلماء : مدار البطلان - بسبب الغرر - والصحة مع وجوده – ( أي : الغرر ) - ،هو أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ، و لا يمكن الاحتراز عنه إلا بمشقة ، أو كان الغرر حقيرا جاز البيع و إلا فلا ). قال الباجي :( إنما جوز الجعل في العمل المجهول و الغرر للضرورة ). ( 2 ) قلت : أراد رحمه الله بالضرورة :ضرورة الناس و حاجاتهم ،لا الضرورة المعروفة شرعا . مثال ذلك : أن يفقد الرجل ابنا ،فيجعل جعالة لرجل يتحسسه ،و في هذا غرر على الدافع لا على الآخذ ، إذ يمكن أن لا يجد ابنه فيضيع عليه ما دفع ، ولكن الحاجة الملحة تجيز مثل هذا العقد. قال الشاطبي : (( وبيع الرطب باليابس يمتنع ، حيث يكون مجرد غرر ، وربا في غير مصلحة، وتجوز إذا كان فيه مصلحة راجحة))( 3 ). وأصرح من هذا كله ما قاله ابن القيم : (( وما حرم للذريعة ، يباح للمصلحة الراجحة ، كما أبيح من المزابنة العرايا للمصلحة الراجحة – ثم ذكر أمثلة ثم قال - : والشريعة لا تعطل المصلحة الراجحة لأجل المرجوحة)) ( 1 ). ويمكن إعمال هذه القاعدة في إباحة بعض أنواع التأمين ،كـ " تأمين الخدمات " الذي فيه غرر غير فاحش ،لتحقيق مصلحة راجحة ،أو دفع مفسدة قادمة،كما سيبين لاحقاً إن شاء الله.

القضية الثامنة : الغاية لا تبرر الوسيلة . إن من المبادئ العظيمة في دين الله : أن حسن النية ، ونبل الغاية ، لا يبيحان الممنوع ، ولا يسوغان كل وسيلة ، ولا يجيزان كل طريقة . بل لابد أن يواكب حسنَ المقصد ، سلامةُ الطريق ... ومشروعيةُ العمل . قال ( : ( إن الله لم يجعل شفاءكم في حرام ) .( 2 ) فالقمار محرم ، فلا يباح لغاية جمع المال للأيتام والفقراء...وما يفعله بعض الناس في القمار باسم ( اليانصيب الخيري ) هو من هذا الباب . والزنى محرم ، فلا يباح للمرأة من أجل كسب لقمة العيش ... كمطعمة الأيتام من كدّ فرجها لك الويل لا تزني ولا تتصدقي والحق يقال : إن ثمار التأمين مقبولة ، ولا أقول غايته نبيلة ! فإن غاية تلك الشركات –إذ تأسست-لم يكن عند كثير من الناس ظاهراً إلا لغاية مادية ، وإن داخلها ثمرة مقبولة ، ونتيجة معقولة . وعلى هذا ، فلا يجوز الاحتجاج بغاية التأمين وثماره على جوازه ، وإذا فُتح هذا الباب ، صار كثير من الناس يرتكب الحرام ، بدعوى حسن النية ، فهذا يزني حتى يتدرب على الزواج ! وهذا يرابي لتنمية تجارته ! وهذا يشرب الخمر ليروّح عن نفسه !...وبهذا تتعطل الأحكام الشرعية ، ويفسد الدين عند الناس . والمقصود من ذكر هذه القاعدة هاهنا : أن توقع المسلم لمصيبة ، لا يبيح له الحرام لدفعها ، وتقصير كثير من الحكومات في حقوق شعوبها ، لا يبيح لها انتهاك ما حرم الله . القضية التاسعة : الغرر : معناه ، أنواعه ، أحكامه : توضيحاً للأحكام التالية ، وتفصيلاً لمناط حكمها ، يستحسن باختصار : بيان معنى الغرر وأنواعه وأحكامه . أولا : معنى الغرر: الغرر لغة : الخطر ، والخداع : وهو ما كان له ظاهر مخالف لباطنه ، وغرّ الرجل فلاناً : خدعه ، وعرّضه للمهالك ( 1 ) الغرر ـ اصطلاحاً ـ في البيع : ما كان له ظاهر يغر المشتري ، وباطن مجهول . أو :كل بيع حوى جهالة بينة، أو مخاطرة أكيدة . أو : بيع ما لا يعلم وجوده وعدمه . أو :بيع ما يحتمل قبضه ،أي : يتردد بين القبض و عدمه . أو : ( بيع ما انطوى عنه أمره ، و خفي عليه عاقبته ) ( 2 ). قلت : يمكن جمع تعريفات العلماء في الغرر بأنه : كل بيع لا يثبت تسليمه ،و لا ينضبط شأنه و وصفه ، و لا يعرف بخِبْرَة. و من أهل العلم من يرى فرقا بين الجهالة ، و بيع الغرر . فالجهالة عندهم : ما لا ينضبط وصفه، كبيع ما لم يتعين ، كقوله : أبيعك أحـد هذين العبدين . و أما الغرر : فهو ما لم يثبت تسليمه ، كبيع الجمل الشارد ... ومثلّ العلماء للغرر بعامة : ببيع السمك في الماء ، والطير في الهواء . وما شابه ذلك ، ومن أمثلته المعاصرة : بيع الآلة لا يعلم صلاحها من عدمه ، وبيع ما هو مخبأ في العلب لا يدري ما هو ، وضمان سيارة في حادث متوقع.

ثانيا : حكم بيع الغرر : اتفق العلماء قاطبة على تحريم بيع الغرر ، وذلك لما ورد في السنة ، من حديث أبي هريرة أن النبي ρ (( نهى عن بيع الغرر )) ( 1 ). وقال النّووي : الأصل أن بيع الغرر باطل لهذا الحديث ( 2 ). وورد كذلك تحريم كثير من المعاملات ، لما فيها من الغرر ، فمن ذلك : ما نهى عنه النبي ρ من بيع الصُّبرة من التمر لا يُعلم مكيالها . فعن جابر ( قال:(( نهى النبي ( عن بيع الصبرة من التمر لا يُعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر )) ( 3 ). والصبرة: ما جمع من الطعام بلا كيل ووزن، وإنما بالحزر والتخمين ، بعد المشاهـدة والرؤية له ( 4 ). كما (( نهى النبي ( عن بيع حَبَل الحَبَلة ))( 5 ). وتنوعت أقوال العلماء في المراد بالنهي عن بيع حبل الحبلة ، فقال جماعة : هو البيع بثمن مؤجل إلى أن تكبر الناقة ، وتلد ولدها ، و قال آخرون : هو بيع ولد الناقة الحامل في الحال ( 6 ). و من ذلك : نهي النبي ρ عن بيع الحصاة فعن أبي هريرة ( قال : (( نهى رسول الله ( عن بيع الحصاة و عن بيع الغرر )) ( 7 ) . و بيع الحصاة فيه ثلاثة تأويلات : أحدها أن يقول : بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها ، أو بعتك من هذه الأرض من هنا إلى ما انتهت إليه هذه الحصاة . و الثـاني: أن يقول: بعتك على أنك في الخيار إلى أن أرمي بهذه الحصاة .

و الثالث : أن يجعلا نفس المرمي بالحصاة بيعاً ، إذ يقول البائع : إذا رميت هذا الثوب بالحصاة ، فهو مبيع منك بكذا ( 1 ) . وأياً كانت الصورة ، فكلها تنصب في بيع الغرر ، ومن ذلك : نهي النبي ( عن بيع الملامسة و المنابذة . فعن أبي سعيد الخدري ( قال : (( نهانا رسول الله ( عن بيعتين و لبستين : نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع ، والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ، ولا يقلبه إلا بذلك، والمنابذة : أن ينبذ الرجل إلى الرجل بثوبه ، وينبذ الآخر إليه ثوبه ، ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض )) ( 2 ). وكل هذه صور للغرر وتمثيل له ،مما كان عليه أهل الجاهلية ، وقد اشتركت هذه البيوع كلّها في علة واحدة حرمت لأجلها ، ألا و هي الغرر. وبناء عليه ،وعلى قاعدة العلل : فإن كل صورة محدثة تشابه هذه الصور ، أو تتوفر فيها علة الغرر والجهالة ، فهي محرمة ، مهما كان شكلها ، ومهما كان اسمها ، و مهما كان مقصود صاحبها ،و مهما زعم من مصلحة فيها.

ثالثا : أنواع الغرر:

نظراً لتفاوت الغرر و تنوعه ،فقد قسمه أهل العلم إلى ثلاثة أنواع :

غرر يسير اتفقوا على إباحته ، وغرر كبير فاحش اتفقوا على حرمته ، وغرر ثالث بينهما،تنوعت أحكام العلماء فيه.

1- الغرر الكبير الفاحش : اتفق العلماء على تحريم كل بيع فيه غرر كبير ، أو أصله غرر . وتعريفه : هو تعريف الغرر نفسه ، وتعريفه هو:كون المعاملة غرراً في الأصل ، وقد سبق التعريف والتمثيل .

2- الغرر اليسير : هو غرر قليل لا ينفصل عن المبيع ،و لا يؤثر فيه ،كشراء كتاب ، لا يُعلم نوع ورقه ولا حبره ، وشراء البيض دون وزن مع تفاوت في وزن كل واحدة ، وكشراء السيارة دون معرفة مفصلة لكل قطعة فيها ، ونوع معدنها ،ومتانة سبكها ،ومثل هذا البيع اتفق العلماء على جوازه، ولو حرم لتعطلت مصالح العباد ، وحركة البيع .

قال النووي بعد أن ذكر تحريم الغرر: (( ... فأما ما تدعو إليه الحاجة ولا يمكن الاحتراز عنه كأسس الدار ، وشراء الحامل .. فهذا يصح بيعه بالإجماع )) ( 1 ). وقال ابن تيمية بعد بحث مفيد متين عن بيع الغرر : ((...ومفسدة الغرر أقل من الربا ، فلذلك رخص فيما تدعو إليه الحاجة منه ... مثل بيع العقار جملة ، وإن لم يعلم دواخل الحيطان والأساس ، ومثل بيع الحيوان الحامل أو المرضع ، وإن لم يعلم مقدار الحمل أو اللبن)) ( 2 ) ثم ضرب أمثلة كثيرة على ذلك .

3- الغرر المتوسط : وهو غرر بين الكثير والقليل ، فمن العلماء من يلحقه بالأول ، ومنهم من يلحقه بالثاني ، وذلك حسب نظر المجتهد : أنه يسير أو كبير . قال النووي : (( وقد تختلف العلماء في بعض المسائل .. فبعضهم يرى الغرر يسيراً لا يؤثر ، وبعضهم يراه مؤثراً )) ( 3 ). ومن أمثلة الغرر المتوسط : بيع الرطب باليابس ،و بيع الآلات المستعملة ،و بيع الثياب و الأقمشة المجهولة الخيط .

حكم الغرر المتوسط : لما كان هذا الغرر محل نظر ، ومدعاة شبهة ، فالأولى تحريمه ، إلحاقاً بالأصل ، وسداً لباب الذريعة ، ولدخوله تحت النهي .

وعلى المسلم اجتنابه ، دفعاً للشبهة ، وإبراءً للذمة ، فإن من ديانة المسلم ، تركه مواطن الريب ، واجتنابه مواضع الشبه ، لقوله ( : (( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )) ( 1 )، و لقوله ( : (( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ))( 2 ). ولا يجوز للمسلم الأخذ بالمعاملات التي تتضمن غرراً متوسطاً . إلا إذا دنت حاجته من الضرورة ، وكان في فوته وقوع مضرة بالغة وظاهرة . كما ينبغي أن يعلم أن : بين الحاجات والضرورات منزله تقدر بقدرها . والقاعدة في ذلك : ( كلما قل الغرر ، ودعت الحاجة إليه كانت المعاملة إلى الحل أقرب ، وكلما ازداد الغرر ، وضعفت الحاجة إليه ، كانت المعاملة إلى الحرام أقرب) ( 3 ).

القضية العاشرة : ثمة فرق بين كون المعاملة مبنية على الغرر ، وبين طروء الغرر عليها ! ينبغي التنبه إلى أن ثمة فرقا بين كون أصل المعاملة غرراً ،و بين أن يكون الغرر تابعا طارئا عارضا عليها. فمن أمثلة كون أصل المعاملة غررا : بيع حبل الحبلة ،وبيع الجنين في بطن أمه ، وبيع الثمار قبل بدو صلاحها ، وبيع الجمل الشارد... ومن أمثلة كون الغرر تبعا طارئا :بيع الحيوان و في بطنه حمل ،فأصل البيع ليس فيه غرر ،و إنما الغرر تابع له ،و هو جهالة ما في بطنه. وبيع الدار مباح ، وإن كان فيه غرر ، لأن غرره طارئ ، فهو في دواخل الجدران ، و أساس البيت ، و نوع الحديد ، ولا يمكن ضبطه ، والاحتراز منه . وكذلك بيع الشجر ، و فيها ثمار لم يبدو صلاحها ،و هكذا كل بيع يماثله ...فثمة فرق بين بيع الشجر كله وفيه ثمار لم يبدو صلاحها ، وبين بيع الثمار التي لم يبدو صلاحها .
وحكم هذين النوعين من البيوع يختلف ،فأما ما كان أصله الغرر كبيع الثمار قبل بدو صلاحها ، فالبيع محرم ، والعقد باطل ، وذلك لما ذكرناه في حكم الغرر ، وقد اتفقت الأمة على تحريمه . وأما بيع ما يطرأ عليه الغرر ، وما يتبعه ، أو كان جزءاً منه ،ففيه تفصيل ، حسب القلة و الكثرة و الغلبة ،و ذلك حسب ما سبق بيانه تفصيلا( 1 ) . وقد اتفق العلماء على إباحة البيع إذا كان الغرر الطارئ قليلاً ، أو لا يمكن الاحتراز منه ، ولا يؤثر في أصل المعاملة ، كبيع الدار ، ولا يعلم ما في جدرانها ، وبيع الشجر مع الثمار التي لم يبدو صلاحها . وهذا التفريق بين كون أصل المعاملة غررا ، وبين طروء الغرر عليها ، نحتاج إليه حين التكلم عن أنواع التأمين ، فـ ( التأمين التجاري ) أصله غرر ، وأما ( تأمين الخدمات ) فالغرر طارئ عليه ، وسيأتي تفصيل هذا إن شاء الله تعالى في بابه .

الـتأمين بين التشدد و التساهل

التأميـن وأنـواعه:

يقصد بـ(التأمين) في عصرنا الحاضر : قيام طرف بضمان مجهول قدراً وزمناً لنتيجة حدث متوقع ، متفق عليه لطرف آخر ، مقابل مبلغ معلوم القدر والوقت متفق عليه .

والتأمين ليس نوعا واحدا ، ولا صورة واحدة ،بل هو أنواع متعددة ، ذات صور متشعبة ، فمنه ما يكون ضمانا للنفس ، وما يصيبها من أحداث طارئة ، أو أمراض كبيرة ، ومنه ما يكون ضمان متاع ، أو بضائع منقولة وغير منقولة ، و منه ضمان صيانة لمعدات أو عقار ، ومنه تقديم خدمة صحية ، أو نقل طارئ ، وأغلبه ما يكون ضمانا لما ينتج عن الأحداث والمصائب المتوقعة، من تلف وفقدان وخسارات وما شابه ذلك، و مرجع هذه الصور يعود إلى التأصيل التالي :

الأول : ( التأمين التجاري ) :

و هو قيام طرف ( مؤسسات أو شركات ) بضمان نتيجة ما يقع من حوادث معينة على متعاقد معها ، مقابل أقساط يدفعها المتعاقد ، وصوره كثيرة منها : التأمين على الحوادث – حوادث البيوت و المصانع و وسائل النقل - والتأمين على الحياة ، و ما شابه ذلك ، وسيأتي التعريف الفقهي ودراسته إن شاء الله .

الثاني : ( تأمين الخدمات ) :

كالتأمين الصحي ، و تأمين الطرق ،و تأمين الإصلاح و الصيانة.

الثالث : ( التأمين التعاوني ) : و هو قيام طائفة من الناس فيما بينها ، بالتكافل والتعاون لرفع كارثة بينهم .

الرابع : ( التأمين التقاعدي ) : و هو ما يقوم به رب العمل ،من دولة أو غيرها ،من تأمين للعامل بعد تركه للعمل ،فإذا دخلت بينهما شركات التأمين انقلب إلى التأمين التجاري !

الخامس : ( تأمين ضمان المصنوع ) : و له صورتان : تأمين الصانع نفسه ،و تأمين شركات التأمين التجارية للمصنوع .

معاملة التأمين تحت النظر الشرعي :

لما كانت معاملة " التأمين " معاملة محدثة ، كان لا بد ـ إذن ـ من النظر فيها نظرة فقهية دقيقة ، ليُعلم هل هي محرمة لذاتها ؟ أم لعلة فيها ؟ أم هي من المعاملات المباحة الباقية على الأصل؟ ذلك لأن أصل التحريم لا يتعلق بالاسم ، ولا بالسبب ( 1 )والغاية ، وإنما يتعلق بالعلة الفقهية التي تدور المعاملة حولها ، فلو سُمّي شرابٌ ما (عسلاً ) وكان فيه علة الإسكار ، لكان محرماً ، ولو سُمّي شرابٌ ما ( بيرةً ) ولم يكن مسكراً ، لكان مباحاً ، وهكذا ، كما سبق بيانه . ثم هل أصل معاملة التأمين الغرر ، أم أن الغرر طارئ عليها تابع لها ؟ و إذا كانت محرمة ،فهل ثمة ضرورة لإباحتها ،أو حاجة ملحة يدعو إليها؟

تعريف التأمين :

قبل إصدار الحكم على معاملة " التأمين " لابدّ من تعريفه تعريفا فقهيا ، ثم استخراج علله ، والنظر فيها ، هل هي مُحرمة أم لا ؟ وهذا ما يسميه الفقهاء بـ" تخريج المناط "، ثم " تنقيحه".

عند تأمل معاملة التأمين والنظر في صورتها ، وإيجاد تعريف لها ، نجد أن فيها طرفين ،طرفاً يدفع مالاً للآخر ، انتظار أن يدفع القابض للدافع مالاً مجهولاً ، تعويضا ًعن حدث محتمل في المستقبل ، يقع عليه ،من حريق أو سرقة ،أو غرق أو حادث سيارة ... الخ . وهذا الحدث قد يكون ، وقد لا يكون ! وبهذا يمكن تعريف " التأمين التجاري " فقهياً بأنه : ((دفع مال انتظار عوض مالي مجهول ، عن ضرر محتمل ، قد يصيب الدافع ، حسب عقد مبرم بينهما )) . أو :(( دفع مال مقابل عوض مجهول، قد يكون ،وقد لا يكون )) . أو (( عقد معاوضة على أمر مجهول محتمل قد يكون وقد لا يكون ،يدفع أحد الأطراف شرطاً ، والطرف الآخر قد يدفع وقد لا يدفع )). أو : (( هو معاوضة مالية ملزمة لأحد الطرفين ، متوقعة للطرف الآخر )) . هذا هو التعريف الفقهي الصحيح . هذا وقد أعرضت عن تعريف القانونيين ومصطلحاتهم ، إذ لا قيمة لها شرعا ً ! و كذلك أعرضت عن الرد على من عرف التأمين تعريفات سطحية ،بعيدة عن الفقه ،و العمق في الفهم، و النظر في العلل ، فقد عرفه بعضهم بقوله : ( شخص يدفع مبلغا من المال لشراء طمأنينة نفسه ...)، وهذا غلط فاضح ! لخلطه بين الغاية –و هي طمأنينة النفس- و بين النظرة الفقهية في العلل ،فجعل طمأنينة النفس هي العلة !و على هذا ،يلزمهم أن يعرفوا الربا بقولهم : ( شخص يشترط شرطا لطمأنينة نفسه ، ولضمان ماله ، أو ربحه ) ، وعلى هذا فالربا مباح !.. و الصواب في التأمين من حيث التعريف الفقهي أنه: ( دفع مال مقابل مال ) ...نعم ،هو يفعل ذلك لطمأنينة نفسه ،و لكن لا تؤثر الغاية في الحكم المناط بالعلة ، ولا يبيح حسن الغاية العمل ، كما أن غاية المرابي لم تؤثر في حكم عمله ، كما سبق بيانه في القاعدة ، وسوف يردّ على شبهات المبيحين تفصيلا.

تحت أي تعريف من تعريفات المعاملات الشرعية يدخل " التأمين ": بعد تعريف معاملة التأمين ، لا بد من النظر : في أي باب من أبواب الفقه يدخل التأمين ؟ أو في أي صورة من صور المعاملات - المباحة منها أو المحرمة - يندرج ؟ هل يدخل في أنواع الشركات ؟ أو أشكال المضاربات ؟ أو هو صورة من صور البيع ؟ أو شكل من أشكال الربا ، أو الرهن ، أو القمار ؟ أو هو من باب التعاون على البر ؟؟ عند النظر في المعاملات التي حكم فيها الإسلام ، وفي تعريفها وعللها ، نجد أن : معاملة البيع هي : ( عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة ) ، أو هي : ( دفع مال مقابل تملك عرض معلوم ، أو منفعة معلومة ، فيه إيجاب وقبول ) ، إلى غيره من التعريفات المتقاربة . و تعريف شركة المضاربة : (( شراكة من طرفين : طرف يدفع مالا ، وطرف يبذل جهدا ، يكون الربح بينهما حسب الاتفاق ، والخسارة على رب العمل )). وتعريف القمار : ( ما يكون فعله مترددا بين أن يغنم أو يغرم ) أو هو : ( تمليك على سبيل المخاطرة ) . وقال ابن تيمية : ( أن يؤخذ مال إنسان وهو على مخاطرة ، هل يحصل له عوضه أو لا يحصل ) قلت : ويمكن تعريف القمار تعريفا جامعا بأنه : ( دفع مال انتظار ( مقابل ) مال محتمل ومجهول ، قد يكون وقد لا يكون ) ( 1 ). أي يدفع أحد الأطراف شرطاً ، وقد يعوض قليلا أو كثيراً ، أو لا يعوض البتة .

وتعريف الجعالة : ( هي التزام عوض معلوم على عمل معلوم ) أو ( يجعل رجل لرجل آخر أجرا معلوما على عمل معلوم ) .

قلت : وأوضح من هذا أن يقال : ( الجعالة : دفع مال مقابل جهد معلوم منضبط بوقت أو عمل ) .

انطباق معاملة التأمين على معاملة " القمار ":

عند مقارنة معاملة التأمين بما سبق من التعريفات ، نجد أن معاملة التأمين بلا شك لا تدخل تحت أي معاملة من المعاملات المباحة ، من بيع ، أو شركة ، أو غيرها ... الخ . فهو ليس بيعاً لمعلوم بمعلوم ، فيه إيجاب وقبول ،ولا شراكة بين اثنين ،وإنما ينطبق عليه تماماً تعريف القمار، ويدخل تحت بيع الغرر وعقد على مجهول . فإن القمار هو : "دفع مال مقابل مال محتمل" أي : قد يكون وقد لا يكون ، ومعاملة التأمين كذلك تماماً ، إلا في خلافات شكلية ، وأسماء مخترعة ، وبنود مصاغة ، وأهداف مدعاة ،لا تغير من الحقيقة الشرعية التي يتعلق بها الحكم شيئاً . بل عند تأمل معاملة ((القمار )) ومعاملة (( التأمين )) نجد اشتراكهما في أكثر من علة محرمة منها : العلة الأولى : الخطورة والجهالة ؛ فالمقامر يدفع مالاً انتظار أن يأتيه مال ، وقد يذهب ماله كله ، أو بعضه ،أو يربح مالاً قليلاً أو كثيراً ،فعوضه إذن محتمل مجهول ، وفيه خطورة. العلة الثانية : أن الرابح منهما أو منهم ، يأخذ مالاً بغير عوض ، أي : بغير حق .فحكم القمار منوط بهاتين العلتين. وهاتان العلتان متوفرتان في التأمين بعينه ، فإن المؤَمَّن له ،يضع مالاً انتظاراً لعوض محتمل مجهول ، فقد يذهب كله أو بعضه ،وهذه علة الخطورة ، أو يعوض قليلاً أو كثيراً فوق ما دفع ، وهذه علة أخذ مال بغير حق وقد قال ( : (بم يستحل أحدكم مال أخيه ؟!) وفي لفظ : (بم تأخذ مال أخيك ؟... بغير حق ؟! ) ( 1 ) . و على هذا ،فلا فرق إذن بين (( التأمين )) وبين (( القمار )) لاشتراكهما في العلل ،وتوافقها في التعريف وليس بينهما اختلاف ،سوى أن الشكل مختلف ،والصورة متطورة ،وكما قيل : ( تغيير الشكل من أجل الأكل ) ! هذا هو الوصف الفقهي ، و العلة المحرمة التي لا انفكاك لباحث مدرك منصف عنها . وما زعمه بعضهم: من أن الجهالة والغرر والقمار إنما حُرّمت لأجل ما يحصل من النـزاع ، وعلى هذا ؛ إذا لم يكن في بعض صورها نزاع أبيحت ،كلام مردود ، وتقرير فاسد ،من وجوه لا محل لتفصيلها هاهنا ، فالقمار محرم سواءً جر نزاعاً أم لم يجر ، والغرر محرم سواء جلب مفسدة أم لم يجلب . ولو قيل لهم : إن الله إنما حرم الزنا لما يحصل من أمراض ،واختلاط أنساب ،فإذا لم يكن ثمة مرض ولا اختلاط في النسب ، فهل يُباح الزّنا ؟!! فما كان جوابهم فهو جوابنا .

و ما زعمه بعضهم ،أن مثل التأمين كمثل رجل اتخذ حارساً فأعطاه أجره ...

قلت : سبحان الله ! أين هذا من هذا ؟ فهذا عند الفقهاء هو الجعالة : و هي أن يُدْفَع مال مقابل جهد معروف ،فإن هذا الحارس قد قام بجهد من الوقوف و المراقبة و السير ، فأخذ على هذا أجرة ،فأين هذا من التأمين مال بمال ... من رجال جلسوا في مكاتبهم ،انتظار حوادث الناس ، لا يقومون إلا بالقبض و الدفع !... فلا يحرسون أحدا ، ولا يتفقدون سيارات الناس و لا...اللهم إلا أنهم يسنون القوانين ، وبنود العقود التي تكون لصالحهم ،و سوف نرد على شبهة المبيحين في ملحق الرد إن شاء الله تعالى.

وجود علل أخرى في " التأمين " :

وفضلاً عن مطابقة التأمين التجاري للقمار تماماً ، فإن في التأمين كذلك عللا إضافية ً أخرى ذكرها العلماء ، تزيده تحريماً ، منها : العلة الثالثة : الغرر: وقد سبق تعريفه وبحثه ، وتذكيراً : فالغرر من المحرمات وهو : (كل بيع احتوى جهالة ، أو مخاطرة أكيدة ) . أو هو : ((دفع مال مقابل عوض فيه جهالة ،أو احتمال قبض أو عدمه )) ،فالذي فيه جهالة : كمن لا يدري قدر العوض ، وأما الذي فيه مخاطرة : فهو الذي لا يدري أيقبض أم لا ، وهذان الوصفان متوفران في عقد التأمين . ولذا نجد - عند التأمل - أن عقد التأمين عقد غرر من النوع الفاحش ، بل هو غرر كله . وقد حد الباجي الغرر الكثير فقال : (( الغرر الكثير هو ما غلب على العقد ، حتى أصبح العقد يوصف به )) . ( 1 ) قلت : وهذا الضابط والوصف ينطبق تماماً على عقد التأمين ، فكله غرر من أول بند من عقده إلى آخره ، فكله مبنيّ على الاحتمالات ( 2 ) ، فهو : دفع معلوم مقابل دفع مجهول أو عدم دفع ، فإن لم يكن هذا هو الغرر ، فما هو الغرر إذن ؟! والخلاصة أن : (( التأمين التجاري )) فيه غرر كبير ، ومخاطرة أكيدة ، وقد نهى رسول الله ( : ((عن بيع الغرر )) ( 3 ). وإذا تأمل العاقل هذه الأحكام ، علم حكمة التشريع الإسلامي ، وسمو أهدافه ، في دفع الضرر والخطورة عن الناس ، وحمايتهم من تلاعب المتلاعبين ، ولكن أدرك هذا من قوي إيمانه ، وازداد علمه ، وأيقن بالآخرة وبحسابها قلبُه ، وخسر ذلك من فاته ، وجعل المصلحة هدفه ، والدنيا مطمعه : ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ( .[ البقرة : 232 ]

العلة الرابعة: الربا : من تأمل معاملة التأمين ، و جد أن فيها وصف ربا الفضل ، و هي : ( تبادل نقد ،مع تفاوت قدر أو وقت ) ،و هذا متحقق في معاملة التأمين ، إذ فيها دفع مال مع تفاوت في القدر و الوقت،و إن لم تكن بينة بيان القمار و الغرر ! كما أن معظم شركات التأمين تتعامل بالربا ، فهي إما تابعة لمصرف ربوي ، وإما أصل مالها من الربا .. فإن لم تكن كذلك ، فأموالها تستثمر في الربا ، أو تستقرض فيه ، والمتعامل معهم معاون لهم على الربا ، والله عز وجل يقول : ( وتعانوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم و العدوان ( [ المائدة : 2 ]. وعلى هذا ؛ فالمتعامل بالتأمين، يعيش بين قمار وغرر وربا ، ظلمات بعضها فوق بعض ، والله المستعان.

التحريم الثاني للتأمين : من جهة فساد العقد ... ما سبق بيانه من تحريم ،كان منصبّاً على أصل المعاملة ،وبيان فسادها . وأما التحريم الثاني ، فينصب الحكم فيه على صيغة العقد . من المعلوم : أن إباحة أصل الشيء ( المعاملة) لا يعني الإباحة المطلقة ، على أي صورة كانت، وبأي عقد أُبرمت ، بل لا بد من الالتزام بضوابط الإباحة أو المشروعية . فالزواج مشروع : ولكن ؛ لابد أن يكون عقده سليما ، بأن تتوفر فيه أركانه ، وأن تنتفي منه موانعه ، حتى يشرع . ومثال ذلك : تحريم نكاح (( الشغار )) ،رغم أن أصل الزواج مباح ، بل مسنون ، بل واجب ، وسبب بطلانه : اشتراط زواج بزواج . و البيع مباح ، ولكن ؛ لابد أن تكون العقود سليمة ، ليس فيها خلل في الشروط ، ولا فساد في الصيغ . فكم من معاملة بطلت لبطلان عقدها . وحرمت لفساد صياغتها ، فقد يبتاع شخصان شيئا مباحاً ، و لكنهما يشترطان شروطاً باطلة ، أو يعقدان عقداً فاسداً ، فيصبح التبايع محرماً لأجل ذلك ، رغم أن الشيء المبتاع مباح أصلاً. وهذا متفق عليه ( 1 )، وهو من المسلمات التي لا تحتاج إلى ضياع وقت في إثباتها ، والاعتماد في ذلك على قوله ρ: (( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، ولو كان مائة شرط ))( 2 ). وعقود التأمين كذلك من هذا الباب ، فلو سلمنا جدلاً : أن أصل التأمين مباح – وقد أطبق على تحريمه العلماء - فإنه يحرم للعقد ، الذي صيغ صياغة أبعد ما تكون عن قواعد الشريعة الإسلامية الغراء ، فقد صاغها قوم لا يعرفون حلالاً ولاحراماً إلا الكسب المادي ، و التحايل على الناس . والذي يقرأ عقود شركات التأمين بتمعن يجد مآخذ شرعية كثيرة ، ويجد أن المقصود الربح المادي ليس إلا .. ويجد أن زمام الحل والعقد بيدهم . ومن أمثلة ذلك : ما كتب في أحد العقود من قبل إحدى شركات التأمين ـ والتي تزعم أنها تعاونية - (( يحدد مجلس الإدارة بموجب اللوائح والأنظمة عند إقرار التوزيع ،مبلغه ،وتوقيعه ،وكيفية توزيعه، و أهلية من يوزع له )) . وقد تضمن هذا الشرط المخالفات الشرعية التالية : 1 ـ وضع الأمر كله بيد الإدارة دون أن يكون للمؤمن له أي رأي أو تصرف في حقوقه . 2 ـ عدم بيان تلك الضوابط والأنظمة التي ستلتزمها الشركة مما يؤدي إلى : 3 ـ الغموض في تحديد المبلغ ووقته وكيفية توزيعه ،وذلك حتى تتمكن الإدارة من تقرير ما تشاء ، والتصرف كما تشاء ، دون أن يكون للمؤمِّن أي كلمة ،حتى حق الاطّلاع على كيفية تحديد هذه المبالغ وكيفية توزيعها . 4 ـ جهالة الأعيان الذين سيوزع لهم المبلغ ، وهذا من أبطل ما تضمنه هذا الشرط الجائر ، وإن لم يكن في معاملة التأمين – على فرض إباحتها – إلا هذان الشرطان فيكفيان لتحريمها . ومن هذا يتبين أمور : أ ـ بطلان العقد نفسه ، حتى ولو كان الأمر المتعاون عليه مباحاً . ويقال للمبيحين : كيف جوزتم جهالة نسبة التوزيع .. وجهالة الأعيان الذين يستحقون المرتجع . ب ـ بطلان ادعاء معظم الشركات : أن نظامها نظام التأمين التعاوني لا التجاري، فإن مثل هذا الشرط لا يكون بهذه الصيغة أبداً في التأمين التعاوني . وسيأتي تفصيل ذلك . المثال الثاني على بطلان العقود : يجد المطلع على العقود بعض الشروط صريحة في عدم التعويض في بعض الحالات ،كأن يكون عمر السائق فوق السبعين ، أو كان عمر السيارة كذا ، فيكون التعويض بنسبة كذا ، وهكذا ... فهذا يدل دلالة صريحة على أن المقصود هو الربح المالي ،لا رفع المصيبة عن كاهل مصاب ! و إلا فإن ابن السبعين أحق بالمساعدة ، و أحوج من ابن الأربعين ، و ذلك لضعفه ، و عجزه في هذا العمر عن التسديد. وبهذا يعلم : أن عقد التأمين التجاري باطل ، فكيف إذا كان الأصل كذلك محرماً ؟! فحرام فوق حرام ، و ظلمات بعضها فوق بعض ، سواء كان التأمين على حياة أو مرض ، أو حدث ، أو سيارة ، أو بيت ، أو بضاعة ،كل ذلك صورته واحدة ، وإن اختلفت الأسماء ، وتباينت الأشكال .

هل نقف مكتوفي الأيدي ؟؟ بقي سؤال يردده كثير من رجال الأعمال الحريصين على التزام الشرع: هل يقف المسلمون مكتوفي الأيدي إزاء هذه القضية ؟! التي أصبحت من صلب كثير من المعاملات الاقتصادية ؟ ومن عصب الأعمال اليومية ؟ أليس عندنا - نحن المسلمين - بديل ؟؟ . لاشك أن ديننا دين الكمال و الشمول ، ولا يعجزه شيء في اقتصاد و لا معاملات ، و لا في وضع حلول لأي من المعضلات . وهو الدين الوحيد الموجود الذي تعرض لكل الأحكام التي تخص البشر في معاشهم و معاملاتهم قال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شي وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ( [ النحل: 89 ]، وقال أبو ذر :( تركنا رسول الله ( وما من طائر يطير بجناحين إلا عندنا منه علم ) ( 1 )،فهل يعجزه معاملة مثل هذه ؟! كلا والله ،كيف وهو من لدن عليم خبير حكيم ، خلق الإنسان و يعلم ما ينفعه وما يضره : ( ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير ( [ الملك: 14 ] . أي : ألا يعلم الذي خلق الإنسان وسره ، وطبعه على فطرته ؟ ألا يعلم ما يفسده من المعاملات فيحرمها عليه ،وما يصلحه من المعاملات فيشرعها له ؟ وهو فضلاً عن أنه - تعالى قدره - خالق لهذا المخلوق الضعيف ، فهو سبحانه لطيف بأحواله ، خبير بتصرفاته وأسراره ، لذلك شرع له الحق وما ينفعه ، ودفع عنه الباطل وما يضره . فما على العبد العاقل إلا التسليم لهذا الخالق الحكيم فيما يأمر وينهى .. وإلا لم تتحقق في العبد العبودية حق تحققها .. ( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً ... (الآية [النساء : 125] ، وملة إبراهيم هي الاستسلام لله فيما يأمر وينهى ، ( إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ( [البقرة : (131)] ، ومن رغب عن هذا التسليم وقع في السفاهة ، ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ( [البقرة : 130 ].

أسباب نشأة فكرة التامين التجاري : إن المتأمل في أسباب قيام فكرة ((التأمين التجاري)) . يعلم أن وراء ذلك أمرين :

الدافع الأول: انحراف المجتمع الغربي وتفككه . إن من الأسباب التي دفعت إلى ابتداع " التامين التجاري " الاضطراب النفسي ، والخوف الشديد الذي حل في المجتمع الغربي ، أضف إلى ذلك التفكك الأسري ، و الانحلال الاجتماعي ، وفقدان التعاون الأخوي ، وانتهاء النسب العشائري ،حتى أصبح الفرد يعيش لنفسه ، ويعمل لنفسه ، و يعيش وحده ، فهو يأكل وحده ؛ وينام وحده ؛ وتقع المصائب عليه وحده ، دون أن يشاركه فيها أحد ، أو يمد له يد المعونة أحد ، أو حتى لا يواسيه في مصيبته أحد ، ولا يساعده امرؤ في نكباته ، فكان لزاماً عليهم أن يوجدوا طريقة لرفع الجوائح عن الناس ، و إنقاذهم من كواهل الديون ، وإخراجهم من غياهب السجون ، فكانت فكرة " التامين التجاري ". وهذه الأحوال بعيدة عن واقع المسلمين الملتزمين بما شرعه الله في هذا الدين العظيم . فما أعظم هذا الإسلام ، وما أرحم رسول السلام ، بل وما أحكم رب الأنام ، الذي شرع لنا من الحلال ما كفانا ، وحرم علينا من الحرام ما به من الشر وقانا ، و أوصانا بالتعاون ، وصلة الأرحام ، ليعيش الناس في طمأنينة ووئام ، متعاونين ومتآخين في حب وسلام ، يعين غنيهم فقيرهم ، ويعطف كبيرهم على صغيرهم ، وينصر قويهم ضعيفهم . قال تعالى: ( إنما المؤمنون إخوة ( [الحجرات : 10] . وقال ( : (( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً )) ، الحديث( 1 ). وقال ( : (( وماكان العبد في عون أخيه كان الله في عونه )) ، الحديث( 2 ).

ولكن الحقيقة : أن الإسلام في واد ، وكثيراً من المسلمين في واد .

الدافع الثاني لسنّهم التأمين : الجشع المادي: لقد كان الدافع الثاني لاختراع فكرة " التامين التجاري "الجشع المادي ، الذي طغى على الحياة الغربية ، حتى أصبحت المادة هي المعيار الأول فيها ، وهي المنزلة العليا في معاملاتها ، بل هي كل شيء ، فقد غدا المال أهل الواحد منهم ، بعد أن فقد ذويه ، و صار المال نسبه ، بعد أن ضيع حسبه ، وأمسى المال حياته و معاشه ، بل أمّه و صاحبته . وأصبحت قاعدتهم : (من لا مال له لا حياة له) . فاستغل الماديون هذه الظروف النفسية الصعبة ، والحياة الاجتماعية المتفككة ، التي يعيشها الغربي ، و نفذوا من خلال الضياع الإيماني ، وفقدان التعاون الاجتماعي ، ليصوغوا عقوداً في التأمين ، و ليسنوا لها قوانين ، كلها في صالحهم ، ثم أكرهوا الناس -بما يتمتعون به من نفوذ- عليها. ولذلك قلما نجد فرداً في المجتمع الغربي من متوسطي الدخل المحدود ، أو ممن دونهم ، إلا والديون الربوية تلاحقه ، والشركات التأمينية تتابعه .. وليس لهذا كله واقع في المسلمين ، إذا ما التزموا بدينهم حق الالتزام ، وعملوا بأحكامه إيماناً واتباعاً . ومع هذا كله لا يزال السؤال قائماً : ما هو البديل ؟!...

معالجة الإسلام لهذه القضية : ولما كان دين الإسلام دين الكمال والشمول ، ودين الحياة الدنيا والآخرة ، ودين الأحكام الصالحة لكل زمان ، والمعاملات النافعة في كل مكان . (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ( [المائدة : 3 ] ، ولما كان الإسلام من لدن حكيم خبير ، لذلك شرع ما يقيهم شر الجوائح وما يعينهم حين وقوع المصائب .

وأوجد الله لهم بدائل عن هذا التأمين في ديننا ، تتناسب وعقيدتنا ، وتتماشى ومجتمعنا ، والمجال لا يتسع لذكر تفاصيل هذه المسائل وأدلتها ، وحسبنا في هذا المقام ذكر بعضها تذكيرا ً، ومنها :

- الولاء : الذي دعا إليه الله ، قال تعالى : ( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ([ التوبة : 71 ] ، أي ينصر بعضهم بعضاً ، ويعين بعضهم بعضاً . - التعاون : الذي أمر به الإسلام ، قال تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ( [ المائدة : 2 ]، فمن وقع معه حدث ، لا يترك والحدث . ولذلك قال ( : (( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه )) ( 1 )، أي لا يتركه للمصائب ، فلا يتفقد أحواله ، ولا يعينه في مصائبه . - التراحم : الذي حث عليه الإيمان ، (( الراحمون يرحمهم الله ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) .( 2 ) - التعاطف : الذي أكد عليه الرسول ( ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ))( 3 ). هذه بعض مبادئ الإسلام الاجتماعية من حيث التأصيل والتوجيه . أما البدائل العملية – الواقعية – عن التأمين فمنها : الأول : الولاية ، والكفالة : ولها أنظمتها وقواعدها في الإسلام ، من إيجاب الإنفاق على الأرحام ، وما شابه ذلك . الثاني : العاقلة : وهي العشيرة التي تتكفل بدفع الدية عن قاتل الخطأ ، ويمكن أن تكون كذلك يداً واحدة في الأحداث التي تقع على أفرادها ، من غير القتل . كما لا يمنع الشرع أن تكون الجهة التي ينتسب إليها الفرد من وزارة ، أو شركة ، أو مؤسسة حكومية ، أو غير حكومية ، أن تكون مكان العشيرة . وأن تقوم مقام العاقلة ، وأن تتكفل هذه الجهات بالأضرار الجسمية التي تقع على منسوبيها ، فالوزارات بموظفيها ، والغرفة التجارية بتجارها ، ومكتب العمل بالعمال ، وهكذا في إطار نظم مضبوطة ، وقواعد عادلة ، في إطار الشرع الحنيف .

الإسلام وواقع المسلمين : وقد يقال : لا شك أن ما ذُكر صحيح ، وأن ديننا دين الكمال والشمولية ، لكن الواقع بعيد عن التطبيق العملي ، وثمة أحوال متطورة ، وأحداث طارئة ، تسبب أضراراً بالغة بالمسلم ، ولا يجد من يعينه ، من وزارةٍ ، أو مؤسسةً ، أو ما شابه ذلك ،لأن هذه المؤسسات لا تقوم بهذا العمل ، وثمة ظروف خاصة لبعض الناس ، كانقطاع الرجل من عشيرته وأهله ، ووجوده أحياناً وحيداً في بلد غير بلده ، مُعَرَّضاً لنوائب الدهر المفجعة ، و متحمِّلاً أحداث العصر المؤلمة ، التي تدفع بحياته إلى الانهيار ، وبأسرته إلى الدمار ، حتى أصبح كثير من هؤلاء أسارى الهموم ، وحبساء السجون عشرات السنين ، ولا أحد يلتفت إليهم ، فلا نكن نظريين ، فالحق أنه ما يزال هناك ثغرة ، بل ثغرات في واقعنا . فهل يترك هؤلاء لمبادئ الإسلام السامية ، وتعليماته العظيمة ، والتي ليس لها أثر عملي في واقع كثير من المسلمين ،و هل تحل خطب المنابر في وجوب التعاون مشكلاتهم ، وهل تتحمل مواعظ الواعظين في التراحم مصائبهم ؟ هل هذه الأمور فرجت همومهم ، وأطعمت أُسرهم ، وفكت من السجون أَسرهم ؟ هل يترك هؤلاء دون حل فعلي .؟؟ وبعبارة أخرى : هل ديننا دين نظر ، لا واقع فيه ولا عمل ؟ قلت : لا شك أن الحكومات تتحمل القسط الأكبر في ذلك ، لما عندها من القدرة على التنظيم ، ومعالجة الأمر والتدبير . فقد أصدر أول رئيس حكومة إسلامية ρ قراراً بأن على الحكومة دفع الدين عن المدين الميت المعسر ، فقال ( : (( أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن توفي من المؤمنين وترك ديناً فعلي قضاؤه ، ومن ترك مالاً فهو لورثته ...)) الحديث ( 1 ). ولقد عكست بعض الحكومات اليوم هذا المبدأ السامي ، فراحت ظلماً تأخذ من إرث الرجل، ولا تقضي عنه دينه .

وهكذا وقع البلاء في الأمة من جراء مخالفة شرع الله ،و إلقائه وراءهم ظهرياً : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ( [ طه : (124) ].

النوع الثاني: من التأمين :(( التأمين التعاوني )) ، و هو البديل العاجل و الصحيح : من المعلوم أن الإسلام لا يمنع من صياغة معينة ، لعقود مبنية على أسس الشرع في غاياتها ، ومنضبطة بضوابط الفقه في عقودها وتطبيقها . فإذا كانت الغايات نبيلة ، والعقود صحيحة ، أصبحت المعاملة مشروعة طيبة مباركة ، وقد كان شيء من ذلك في صدر الإسلام ، فقد كانت هناك قبيلة تقوم فيما بينها بالتعاطف والتعاون بطريقة يمكن تسميتها بـ((التأمين التعاوني)) ، وقد أثنى رسول الله ( عليها لهذا الفعل.

فعن أبي موسى الأشعري τ قال : قال رسول الله ρ : (( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قَلَّ طعامُ عيالهِم بالمدينة ، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية ، فهم مني وأنا منهم )) ( 2 ). والأشعريون نسبة لـ (( أشعر )) وهي قبيلة من اليمن ، كانت تفعل هذا النوع من (( التأمين التعاوني )) ، فمُدحوا لذلك . ومن صور التعاون المشروع بل الواجب ، ما فرضه الإسلام على العاقلة (العشيرة) في تحمل دية قاتل الخطأ كاملة . فقد قرر رسول الله ( (رئيس الدولة) : رفع هذه المصيبة (وهي دفع الدية) عن كاهل الفرد، وتوزيعها على عشيرته ، حتى لا يقع المرء في عجز مالي يهلكه . فعن جابر τ : (( أن رسول الله ( كتب على كل بطن عقوله ))( 1 ) والبطون : فروع القبائل ، وهي العشائر والأفخاذ. والعقول : جمع عقل ، وهي الدية . والعاقلة : هي العصبة والقرابة من قبل الأب ، يعطون دية قتيل الخطأ ))( 2 ). ومن هنا انبعثت فكرة (( التأمين التعاوني )) الحقيقي فعلا ً، لا الصوري اسماً ، التجاري حقيقة.

الضوابط الشرعية لـ((التأمين التعاوني)) : إذا تقرر أنه لا مانع شرعاً من جواز التعاون المنظم ، بل إن التنظيم الإداري مطلب من مطالب الشريعة السمحاء ، وذلك من خلال أصول الدين الحنيف ، وقواعد الشريعة الغراء . وعلى ضوء كثير من النصوص الواردة في وجوب التعاون والتعاطف ، وفي ظل حديث الأشعريين ، وباب العاقلة ، وبعض النصوص الخاصة المتعلقة بمثل هذه المسائل ، من خلال ذلك كله ، فإنه يمكن صياغة عقود ما يسمى بـ(( التأمين التعاوني )) المشروع ، يكون بديلاً عن ((التأمين التجاري)) المحرم .

ـ ملخص الضوابط والشروط في عقد ((التأمين التعاوني)) بما يلي : 1- أن تكون الغاية من هذا التجمع التعاون والتعاطف ، لا الكسب المالي . 2- المشاركون كلهم متبرعون متعاونون . 3- ليس هناك طرفان : طرف مضارب مستغل ، غايته الكسب ، وطرف مُؤمّن له ، بل كلهم طرف واحد ، ليس فيهم مغامر أو رابح أو خاسر . 4- الإدارة منهم وهم الذين يُعِّينونها ، وليست طرفاً يقرر لهم أموراً ، أو يفرض عليهم شروطاً ، بل هي مأمورة بما يقرره المشاركون . 5- عقد التعاون هذا ، أو المشاركة هذه مبنية على مصلحة الجميع ، لا على مصلحة طرف دون آخر . 6- ليس في المعاملة مخالفة شرعية من قمار ، أو غرر ، أو ربا ، أو تحايل ، كما هي الحال في ((التأمين التجاري)) . 7- ما فاض من المال فمصلحته عائدة للجميع ، فإمّا يرد ، أو يدخر لهم ، وإما يتصدق به ، وإما يستثمر لصالح الجميع ، وذلك حسب اتفاقهم . 8- تصاغ العقود من قبل المشاركين أنفسهم ، لا من قبل طرف دون طرف ،و لا تملى عليهم إملاء ، فهم الذين يختارون إدارة تنظم هذا الأمر . 9 – ليس في بنود العقد ما يخالف الشريعة . الخلاصة أنه : ليس في هذه المعاملة محظور شرعي ، وليس في بنود العقد خلل ، ولا صيغ حسب الهوى ،أو مصلحة طرف دون طرف ،أو لأجل الكسب المادي ،لغايات نبيلة من التعاون والتكافل والتبرع ، بشروط مستوحاة من الكتاب والسنة ، و ما اتفقت عليه الأمة. وبهذا يكون تعريف (( التأمين التعاوني )) هو : اتفاق مجموعة من الأفراد ، يدفع كل منهم مبلغا تبرعا ، لإعانة بعضهم في ما يحلّ بهم من حوادث .

تباين التأمينين : عند الإمعان في عقد (( التأمين التجاري )) ، نجد أن شروطه مخالفة تماماً لهذه الصورة الجائزة، بل المستحبة شرعاً . ففي ((التأمين التجاري)) : طرفان : طرف مضارب بماله ، وطرف مستغل ، لا يقدم أدنى خدمة ، سوى دفع مال من مال المشاركين أنفسهم ،أو من ماله حين الخسارة ، والخسارة – في مثل هذه الحال - أقرب إلى المحال . و ما أُنشأ هذا إلا للربح من جراء مال الآخرين ،و الربح من مال بمال ( المعاوضة المالية-الربا-القمار.. ) قد اتفقت الأمة على تحريمه. وأما في " التأمين التعاوني " فهم متعاونون ، ليس هناك طرف خاسر وطرف رابح . - في " التأمين التجاري " ربح وخسارة ، لا في تجارة ولا في صناعة ، و لا في جهد مبذول لأمان المؤمن له ولا في غيره ، و لا في خدمة ،حتى و لا في فكر ! وإنما في مال بمال ، وهذه الصورة محرمة في الإسلام بالإجماع . وأما في " التأمين التعاوني " فليس فيه هذا الأمر . - في " التأمين التجاري " العقد صاغه طرف واحد لمصلحته ، ولم يكن بالاتفاق ، ثم أكره المُؤَمَّن له في الغالب على هذا العقد ، وألزم بتلك البنود ، وقد صيغت العقود صياغة قابلة للتحايل ، ولذلك كان فيها غرر كبير .
وبهذا يتبين أن التأمينين لا يستويان حكما . مناقشة الذين يساوون بين التأمينين : ولذا يُسأل الذين يبيحون ( التأمين التجاري ) ، ويساوون بين التأمينين ، بأي حق أخذت الشركة المؤمّنة المال المتبقى... مقابل أي عوض ؟ وبأي حق أخذ صاحب الحادث ما أخذ ؟ و لن يجدوا لذلك جواباً صحيحاً… وقد زعم بعضهم : أن الشركة المؤمنة تأخذ المال بحق الاستئمان ، وفي هذا غفلة عن أمرين : الأول : أن الشركة لا تقوم بأي جهد للأمان . الثاني : أن الشركة إنما تدفع مالاً ، ولا تدفع أماناً ، وإنما يحصل الأمان بالمبلغ المدفوع ، تماما كما أن المرابي يشترط شرطا بزعم أنه للأمان : أمان ماله وربحه ، بدل الدخول في تجارة مجهولة الأمان...!! ومن تدبر عرف . وأما في " التأمين التعاوني " فصيغ العقد بالاتفاق ، وليس فيه مخالفة شرعية . وفي (( التأمين التجاري )) الغاية الوحيدة من الطرف الأول ، هي الكسب المالي ، دون تقديم أدنى خدمة . والغاية في " التأمين التعاوني " هو الأجر و التعاون . وعلى هذا يكون قد اجتمع في ((التأمين التجاري)) ثلاث مفاسد : - مفسدة النية في الاستغلال ، وكسب المال بالمال . - و مفاسد أصل المعاملة . - و مفسدة خلل العقد .

وليس في التأمين التعاوني أي علة محرمة ، فليس فيه ربح غير شرعي ، ولا فيه استغلال ، ولا غرر ولا ربا ، فتدبر . ثلاث فوائد جليلة : الفائدة الأولى : جواز تشغيل أموال المشاركين يجوز في (( التأمين التعاوني )) أن يخوّل المشاركون الإدارة في استثمار الأموال التي بين أيديها. وفي هذه الحال ، تصبح هذه المعاملة الجزئية – تشغيل الأموال - في المعاملة الكلية ، مضاربة مالية ، يجوز - حينئذ – للإدارة أن تتقاضى حصتها من الأرباح ، كمضارب مالي ، بأخذ نسبة من الربح لا من رأس المال ، وذلك حسب الاتفاق ، ويصبح لها في هذه الحال ، رواتب مقابل إدارة ((التأمين التعاوني)) ، و نسبة من الأرباح مقابل تشغيل المال .

الفائدة الثانية : الحذر من تدليس بعض الشركات بتسميتها (( التأمين التعاوني )) : استغلت بعض الشركات إطلاق حكم الجواز على (( التأمين التعاوني )) ، فراح بعضهم يدخل في عنوان شركته كلمة (( التعاوني )) ، خداعاً للناس ، الذين يخدعون بالأسماء ، ولا يدركون كثيراً من الحقائق الشرعية ، وحقيقة شركته (( التأمين التجاري )) ، ولكن كما سبق أن أشرنا إلى أن هذا (( تغيير الشكل (الاسم) من أجل الأكل )) . وقد أصدرت اللجنة الدائمة للفتوى في المملكة العربية السعودية تحذيراً من هذا الاستغلال ، ورد في الملاحق . وقد حاول آخرون إنشاء شركة على مبدأ : (( التأمين التعاوني )) ولكن كان يعوزهم الفقه الدقيق ، وتنقصهم الخبرة العملية ، فصاغوا عقوداً قريبة من ((التأمين التجاري)) ، بل وضعوا عقود ((التأمين التجاري)) نفسها ، فسقطوا في مخالفات شرعية واضحة ، تبطل العقد ، وتفسد هذه المعاملة ، لا يدركها معظم الناس . الفائدة الثالثة : من الغريب حقا أن يتجه العالم الغربي الذي أحدث هذه المعاملة بهذا الشكل الموسع ، أن يتجه نحو التأمين التعاوني ، فنسبة التأمين التعاوني في أمريكا تعادل 70بالمائة من مجموع شركات التأمين فيها !وتتبنى أكبر الشركات السويسرية نظام ( التأمين التعاوني )(1) ، كما أن هناك دولا أخــرى كألمانيا وغيرها تسعى إلى استبـدال التأمين التعاوني بالتجاري... فهل من مدّكر ؟! النوع الثالث : (تأمين الخدمات) . تقوم بعض الجهات صاحبة الاختصاص ،بتقديم خدمة ما فعلية ،مقابل مبلغ شهري أو سنوي. وتعريفه : (دفع مال لخدمة ما متوقعة) ، وهو : أن يدفع المؤمن له أقساطاً مقابل خدمة مخصوصة ، بشروط معينة ، كتقديم خدمة لإصلاح البيوت ، أو إصلاح السيارات ، أو خدمة السيارات على الطرق ، أو خدمة التأمين الصحي ، وما شابه هذه الأنواع .

صور ((تأمين الخدمات)) : الصورة الأولى : أن يكون المُؤَمن شركة من شركات (التأمين التجاري) ، وليس لدى الشركة تلك الخدمة المؤمن عليها ، وإنما تقوم بدفع مال لمن يقوم بالخدمة ، وحكم هذه المعاملة حكم (التأمين التجاري) الذي مبدؤه : (ادفع .. لندفع لغيرك)، وهو الحرمة .

الصورة الثانية : أن يكون المؤمِّن نفسه هو صاحب الخدمة ، كأن يكون المؤمِّن للخدمة الصحية المستشفى نفسه ، والمؤمن على إصلاح السيارة المصلح نفسه ، وهكذا . وهذه المعاملة ليس فيها علل التأمين التجاري المحرم كلها ،و إنما فيها غرر،و لها ثلاث أحوال : - الحال الأولى : أن يكون فيها غرر فاحش ، فهذه محرمة ، لأنها تدخل في باب بيع الغرر والجهالة ، فالخدمة التي ستقدم من المؤمِّن للمؤمَّن له مجهولة ،غير منضبطة انضباطاً معروفاً ، يزيل عنها وصف الجهالة والغرر ، ووجودهما يبطل العقد ، ويصيّره محرماً . وقد سبقت الأدلة على حرمة بيع الغرر وبطلانه . - الحال الثانية : أن تكون الخدمة المقدمة منضبطة بحيث تكون مقاربة للمال المدفوع ، فتجوز والحال هذه ، ولو كان فيها غرر يسير ، فليس كل غرر يبطل البيع ، بل ثمة تفصيلات ستذكر لاحقاً إن شاء الله . - الحال الثالثة : أن يكون الغرر متوسطاً ، والأصل في هذه المعاملة التحريم ، إلا في حال الحاجة الملحة .و مثل هذا يباح في بعض الدول التي تكون تكاليف بعض الأمور كبيرة جدا ،مما يؤدي بصاحبها إلى حرج شديد ،أو ضرر بالغ ،من سجن ،أو تشريد أسرة ،و ما شابه ذلك…

قاعدة ( كلما انضبطت المعاملة ، وتقارب المدفوع مع المبذول ، كانت إلى الحلّ أقرب ، والعكس صحيح ) : كلما انضبطت المعاملة ، وكان المدفوع قريباً من تكلفة الخدمة ،كانت هي إلى الحِلِّ أقرب ، وكلما كان التفاوت بين المدفوع وكلفة الخدمة أكبر ،كانت المعاملة أبعد عن الحلال ، وأقرب إلى الحرام. ولذلك لا ينبغي للمسلم اللجوء إلى الحالة المتوسطة إلا عند الحاجة الملحة ، والمصلحة الراجحة ، أو حين يندفع بها مفسدة متوقعة أكبر ، فتباح وقتئذٍ من باب تزاحم المفاسد ، وإلا تلحق بحكم الغرر ، وتبقى على الأصل وهو الحرمة . وفي النظر إلى عقود ((تأمين الخدمات)) ( 1 )، نجد أنواع الغرر الثلاثة فيها . فأما الغرر الكبير الفاحش المحرم : فيوجد في خدمة إصلاح السيارات المطلق ، و الخدمة الطبية عند الحوادث ، وهذان أمران غير منضبطين البتة ، ولذلك لا يجوز هذا النوع . وأما الغرر القليل المباح : فيوجد في الخدمة الطبية المنضبطة ،و خدمة الحوامل ،وخدمات صيانة السيارات الدورية ، من تفقد وتشحيم ، وتنظيف وتغيير للزيت ، وتغيير للشمعات (البواجي) ،و صيانة البيوت و المؤسسات و الأجهزة ،وما شابه هذه الخدمة المنضبطة . فإنه من المعلوم : أن السيارة تحتاج إلى صيانة دورية (منتظمة) ، وأعطالها – غير الحوادث – معلومة في الغالب ، خلال فترة محددة من الزمن ، فالسيارة الجديدة تكون أعطالها أقل من السيارة القديمة ، وهكذا ، و يعرف ذلك أصحاب الخبرات . قال ابن القيم في (زاد المعاد 5/820) : ((وليس من بيع الغرر بيع المغيبات في الأرض ، كالعنب والجزر ... فإنها معلومة بالعادة ، يعرفها أهل الخبرة بها ، ولو قدر أن في ذلك غرراً ، فهو غرر يسير ، يغتفر في جنب المصلحة العامة ، التي لابد للناس منها)) . ثم شرع في ذكر أمثلة كثيرة تباح ، رغم وجود غرر يسير فيها . وأما ما كان غرراً بينهما وهو المتوسط : فهو كتأمين إصلاح المحرك ، أو صندوق السرعة (الكير) عند تعطلها تعطلاً كاملاً، فهذا من الغرر المتوسط ، وقد سبق بيان حكمه ، و الأرجح اجتنابه ، وبخاصة وأن الناس لا ينضبطون في ذلك ، وكثير منهم لا يفقهون . إلا إذا كان للمسلم فيه حاجة ملحة ، أو بفواته يغلب على الظن الوقوع في ضرر بالغ ، فالراجح إباحة هذا النوع بهذه الضوابط ، والله أعلم .

ومن ذلك : ((تأمين خدمات الطرق ( 1 ))) ، فإن الإنسان معرض لانقطاعه في الطريق ، ويحصل بذلك ضرر قد يكون بالغاً ، وبخاصة إن كان معه أهله ، أو كان الجو بارداً برداً شديداً ، أو حاراً حرارة مؤذية . ويتأكد وقوع الضرر لمن يكثر سفره ، أو يسافر مسافات طويلة ، فهذا يدخل في باب المصلحة الراجحة ، أو دفع الضرر المتوقع ، ومن باب ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما . و من ذلك : التأمين الطبي الشامل .

ضوابط إباحة (( تأمين الخدمات )) : وبناءً على ما سبق نستخلص الضوابط التالية ، لإباحة ((تأمين الخدمات)) ، إذ أن الأصل فيه المنع إلا بهذه الشروط : الأول : أن لا يكون الغرر فاحشاً ، بل قليلاً يحتمل ، ومعقولاً غير مضر يقبل ، وهذا في الغالب يتحقق في ((التأمين الصحي)) ، ((وتأمين الإصلاح الدوري)) المنضبطين . لأن هناك خدمة فعلية تقدم ، وبخاصة إذا كان ثمة ترتيب زمني لهذه الخدمة ، وأما الأمور الطارئة فيمكن التسامح فيها بين الطرفين . الثاني : أن يكون المؤمِّن نفسه هو صاحب الخدمة ، لا أن يكون وسيطاً كالبنوك ، وشركات التأمين . ففي ((التأمين الصحي)) ، يجب أن يكون المستشفى ،أو المستوصف ،أو الطبيب ،هو المؤمِّن ، وفي إصلاح السيارات ، يكون المصنع أو الورشة هي المؤمن ، وهكذا ... على مبدأ (( ادفع لنعالجك )) ، (( ادفع لنصلح سيارتك )) ، (( ادفع لنخدمك على الطريق )) . الثالث : أن تكون صياغة العقد صياغة شرعية، ليس فيها مخالفات، ويعرف ذلك بعرضه على أهل العلم . و أما في حال كون الغرر متوسطاً فيضاف شرط آخر ، وهو : الرابع : أن تكون ثمة حاجة ملحة له ، و بفواته يحصل مضرة . وتتحقق هذه الشروط في الخدمة الفعلية التي تقدم ، والتي يتقارب فيها المدفوع مع الخدمة المقدمة ، وبخاصة إذا كان ثمة ترتيب زمني ، وضبط عملي لهذه الخدمة . وهذا في الغالب يتحقق في ((التأمين الصحي)) ، ((وتأمين الإصلاح الدوري)) و((خدمات الطرق)) . كما أشرنا إلى ذلك سابقاً . والله أعلم.

ضابط الغرر اليسير في تأمين الخدمات : يكون الغرر يسيراً في (( تأمين الخدمات )) : حين يكون مجموع المبلغ المدفوع ، يقارب الخدمة المقدمة ، ولو مع شيء قليل من الزيادة أو النقصان ، وتبقى مسألة تحمل تكلفة (( الحوادث الطارئة )) بالنسبة ((للتأمين الصحي)) ، والأعطال الطارئة ، بالنسبة ((لتأمين الإصلاح)) ، و الظاهر أنها لا تؤثر في صحة العقد لندرتها من جهة ، ولإمكانية أن تكون بطيب خاطر من المؤمن من جهة أخرى ، ولا مانع من أن ينص العقد عليها ، كتبرع من المؤمن مقابل التزام المؤمن له بالمعالجة لدى المؤمن ، أو إصلاح سيارته عنده ، أو تكون مكافأة على ذلك ، وهكذا تقاس بقية المسائل . قاعدة إباحة ( تأمين الخدمات ) : ( كلما تقارب المبلغ المدفوع مع تكلفة الخدمة ، كانت المعاملة للحل أقرب ،و العكس صحيح ).

النوع الرابع : (( التأمين الصناعي )) :

هو تأمين صيانة سلعة ما ، من قطع غيار ، أو أجهزة ، أو آلات ، أو بيوت ، أو أثاث ، وضمان صلاحيتها مدة من الزمن ، كضمان إصلاح البيوت ، والسيارات الجديدة ، والثلاجات والغسالات ، وما شابه ذلك إلى فترة محدودة من قبل الصانع أو وكيله . وهذا الضمان مشروع ، بشرط : أن يكون الضامن هو الصانع أو وكيله ، وليس هذا من القمار البتة ( 1 ) ،ولا يدخل في بيع الغرر المحرم في شيء ، فليس هو دفع مال مقابل لقاء عوض مجهول ، كما هو الحال في القمار ، وليس هو بيعاً فيه جهالة ،كما هو الحال في بيع الغرر ، بل هو في الحقيقة ، رفع الغرر عن المشتري ، الذي لا يدري ما بداخل المصنوع ، من أجهزة أو محركات ، ويجهل تماماً جودتها ، ومدة صلاحيتها ( عمرها المفترض ) والصانع يدري عن ذلك تفصيلاً ، وغاية ما في هذا الضمان ، توثيق من صاحب السلعة للمشتري الجاهل في هذه السلعة ، وتأكيد لجودة صنعه ، وتطمينه بعدم وجود غش ، أو خداع أو غرر . وكل هذه العوامل تؤكد جواز هذا النوع من الضمان . وأما إذا كان ضمان الصلاحية من قبل جهة ثالثة ، فإن كان المشتري مشاركاً بذلك بماله ، أو مقتطعاً ذلك من ثمن السلعة محسوباً على المشتري ، فلا يجوز ذلك ، وإن كان ذلك على حساب البائع ( المصنع ) ، وأنه الصانع قد وكّل شركة التأمين في الضمان فجائز ، لأنه لا علاقة للمشتري بذلك ، والله أعلم .

النوع الخامس : (( التأمين التقاعدي )) : ثمة نوع آخر من أنواع التأمين ، وهو ما يسمى بـ (( التأمين التقاعدي )) وهو ما تقوم به الدولة مع منسوبيها ، أو أرباب المصانع من شركات ومصانع ،مع عمالهم من تأمين خاص بشروط محددة ، وضوابط معينة . ومن ذلك : أن يعمل العامل في الدولة أو المؤسسة فترة محدودة من الزمن ، مع خصم شيء من راتبه ..على أن يعوض هو أو ذريته القُصَّر من بعده مبلغاً شهرياً ، وهذه الصورة أقرب إلى الإباحة منها إلى الحرام . وذلك لقرب وصفها وشروطها من ((التأمين التعاوني)) ، وبُعدها عن ((التأمين التجاري )) وافتراقها عنه بما يلي : أن غاية المؤمن ليست مادية ،بل إن الدولة والشركة تخسر في ذلك ،ويدخل هذا في باب الرعاية والمعاونة أكثر منه في أي باب محرم ،كالقمار أو الغرر ، إذ أن المؤمن لا يريد من وراء ذلك ربحاً . أو يكون هذا التأمين من باب الشروط : أي من خدم في الدولة أو الشركة كذا سنة ، كان له أو لذريته كذا وكذا ..قال الله ( : (قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ([ القصص : 27 ]... و قال ( : (( المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً ، أو حرم حلالاً ))( 1 ) ، وهذا الشرط لا يحل حراماً ،ولا يحرم حلالاً ، والظاهر أنه ليس على المتعاقد في هذه الحال إثم ، والله أعلم وهو المستعان . وإنما الذي يشكل في هذا ،هو أن هذه الأموال المدخرة يستثمر معظمها في الربا .

جدول يبين الفرق بين التأمين التجاري المحرم والتأمين التعاوني المباح :

|التأمين التجاري |التأمين التعاوني |
|نية الأطراف الكسب المادي بطريقة غير مشروعة ، وبخاصة المؤمِّن |نية الأطراف : التعاون وبه يكسب الأجر لأنهم متبرعون |
|(الشركة) | |
|هناك طرفان رابح وخاسر ، على مبدأ المقامرة والمغامرة |كلهم في نظر الشرع طرف واحد ، ليس فيهم رابح ولا خاسر مادياً ، |
| |فالمتبرع لا يحسب خاسراً |
|فيها غرر فاحش |لا يوجد غرر |
|ثمة عقد تجاري صاغه طرف واحد ، وفي بنوده مخالفات شرعية . |العقد حسب الكتاب والسنة ، ولا يوجد فيه مخالفات |
|الإدارة هي الطرف الأول ، وهي الآمرة والناهية ، وهي التي تصوّغ |إدارتهم منهم ، وهي لخدمتهم ، و لتنظيم أمورهم الإدارية ، وضبط |
|العقود ، وتفرض رأيها |تعاونهم |
|النية وأصل المعاملة والعقد كلها تدفع الطرفين إلى التحايل |العقد والنية يمنعان من التحايل |

جدول بالفوارق بين تأمين الخدمات المباح والمحرم

تأمين الخدمات المباح تأمين الخدمات المحرم

|هناك خدمة فعلية مقدمة ، الطرف المؤمن هو صاحب الخدمة الحقيقية |هناك طرف ثالث بين صاحب الخدمة والمؤمن له كشركات التأمين أو |
| |المصارف |
|الدافع للمؤمن له الحاجة أو دفع المفسدة |لا يوجد حاجة لذلك ، إنما هي محاولة كسب مادي ليس إلاّ. |
|العقد صيغ صياغة شرعية ، ليس فيها مخالفات |صياغة العقد صياغة غير شرعية، وفيها مخالفات شرعية |
|يوجد غرر يسير محتمل |الغرر في ذلك فاحش بل هو قمار |

الخلاصة :

إن التأمين أنواع :

النوع الأول : (( التأمين التجاري )) :هو تأمين على الحوادث المتنوعة ، والأشياء المختلفة ، كالتأمين على الحياة ،والبضائع ،والسيارات ،والبيوت ،والمصانع ،وما شابه ذلك ،و هو تبادل مالي.

و لا يشك فقيه بل طالب علم ، أو مطلع على أحكام الشريعة ، بأن هذا النوع (( التأمين التجاري )) المستورد من الغرب . والذي ابتدعه تجار المادة في غياب الشريعة الغراء ، وصاغ عقوده عقولٌ لا تقيم للحلال والحرام وزناً ، ولا يُراد من ورائه إلا الجشع المادي ، والتحايل على الناس ، واستغلال ظروفهم لا يشك مطلع أنه محرم لأكثر من سبب ،منها : السبب الأول : أن صورته الحقيقية صورة القمار والمغامرة . وهما محرمان بالإجماع. السبب الثاني : أنه من باب ربا الفضل. السبب الثالث : أنه من الغرر والجهالة الكبيرة . وهما محرمان بالإجماع. السبب الرابع : في صياغة العقد بنود غير شرعية ، تبطل العقد ، والرسول ( يقول " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مئة شرط" ( 1 ) . ومن المُسَلّم به : أن المسلمين غير ملزمين بأفكار غيرهم ، ولا معاملاتهم ، فضلاً عن عقود مبنية على أهواء ، ومصالح شخصية ، وأكل أموال الناس بغير حق . لا يردهم شرع ، ولا تمنعهم تقوى ، ولا يردعهم وازع ؛ والأصل أن للمسلمين مبادئهم وأحكامهم ، ولهم معاملاتهم ، ودينهم ، الذي حوى فاستوعب ، وجمع فأكمل ،و إن تقصير المسلمين لا يبيح الحرام .

النوع الثاني : (( تأمين الخدمات)) :و هو تبادل مال بخدمة ، دفع مال من طرف ،مقابل خدمة فعلية ، يقوم بها المؤمن ( الشركة )، وهو على ثلاث درجات : الأولى : إذا كان المبلغ مقارباً للخدمة ، فيباح ،ولو كان فيه غرر يسير . الثانية : ما كان فيه غرر متوسط ،فيباح عند الحاجة الملحة ،أو دفع الضرر المتوقع . الثالثة : ما كان فيه غرر كبير ، فيحرم . و للمباح منه شروط من أهمها : أن يكون المؤمن هو صاحب الخدمة نفسه .

النوع الثالث : (( التامين التعاوني )) : وهو الذي يتعاون فيه طائفة من الناس على مصائبهم ، لا يريدون ربحاً مادياً فهذا يباح ، بشروطه وضوابطه .

النوع الرابع : (( تأمين التقاعد )) وهو أن يقوم صاحب العمل ـ وبخاصة الدولة ـ بنوع من تأمين دخل لمن يعمل عنده ، ضمن شروط موضوعه ، وضوابط محدودة ، و هو مباح ،بشرط أن يكون المؤمّن صاحب العمل. النوع الخامس : (( تأمين الضمان )): و له صورتان : الأولى : تأمين الصانع نفسه،و هو مباح. الثانية : دخول طرف ثالث ،و هي شركات التأمين التجارية ،و هذا محرم.

مسائل و فتاوى : أربعة رجال اشتركوا في شركة تأمين. الأول : مكرهاً ، والثاني :جاهلاً ،والثالث:عالماً بحرمته، والرابع : كان مقتنعاً بإباحته ، ثم بدا له أنه حرام ، ثم حدث للمؤمن عليه حادث ، فعوضته شركة التأمين ، فما حكم أخذ مبلغ التأمين لهؤلاء الأربعة ؟ الجواب : أما الجاهل الذي لا يعلم حرمة التأمين ، وكذلك الذي كان لا يرى حرمة التأمين عن علم وقناعة وتقوى ،أو أخذ بفتوى من يراه عالماً من غير هوى . فهذان يأخذان المبلغ المدفوع لهما من شركة التأمين ، ويتصرفان به كيف يشاءان ، لقوله تعالى :( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ... الآية ([ البقرة ـ 275].

وأما المكره ، ومن تعاقد مع شركة التأمين ، وهو يعلم حرمته ، فيستلم تعويض الشركة كله ، ثم يأخذ لنفسه ( يسترد ) من التعويض مقدار ما دفع ، ولا يجوز له الانتفاع ببقية التعويض ، ولا إبقاؤه للشركة إن كانت لغير المسلمين بل يأخذه ، فإما أن ينفق مازاد عن دفعه ، في مرافق المسلمين العامة ، وإما أن يدخره ، ليسدد به الأقساط القادمة لشركة التأمين ، في حال كون الشركة للمسلمين أو لغيرهم . المسؤولية و وجوب إيجاد حلول :

إن المشكلات المعاصرة من الحوادث و المفاجآت الكثيرة جدا ، قد أدّت بكوارث عظيمة على كثير من الأفراد و الأسر ، فتشقي حياتهم ، و تنكد عيشتهم...و لذلك ينبغي للعلماء و أصحاب الأعمال و ولاة الأمور المسارعة إلى إيجاد حلول شرعية ،فإن الأمة بأمس الحاجة إلى وجود هذه الحلول ، لتنقذ المسلمين مما حل بهم ، و لتكون حلولا شرعية كيما يبارك الله فيها ، فوالله لا يبارك الله في الحرام ، مهما كانت أسبابه ، و مهما كانت مسوّغاته ،و مهما ظننّا أن فيه مصلحة ، و لا يجوز للعلماء بخاصة ، أن يقفوا مكتوفي الأيدي حيال هذه المصائب التي حلت بكثير من المسلمين ، و بخاصة المغتربين منهم في ديار ليس لهم فيها عشيرة و لا عائلة ، بل ليس لهم فيها أخ و لا أب ، فألقوا في السجون ! لعجزهم عن تسديد آثار الحوادث التي قدرها الله عليهم ، و عجزوا عن مداواة أنفسهم أو أهلهم ، لارتفاع تكاليف الخدمات الصحيّة ، فتشرّدت أسرهم ، و ضاقت عليهم أنفسهم ، فأصابهم الهمّ ، و حلّ بهم الحزن ، و الله عز و جل يقول : ( المؤمنون و المؤمنات بعضم أولياء بعض ) ، و يقول ( : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، و لا يسلمه ... ) ، و معنى لا يسلمه : أي لا يتركه لحوادث الدهر تنهشه ، ونوائب الحياة تهلكه ، و لذا وجب على ولاة الأمر : أن يسارعوا إلى إيجاد حل هذه المشكلة ، و يسعوا إلى القضاء عليها .

حلول و مقترحات : الاقتراح الأول : ينبغي على رجال الأعمال إنشاء مؤسسة تعاونية بين المسلمين ، مستعينين بالعلماء ، لوضع شروط شرعية على مبدأ ( التأمين التعاوني ) ، و تعيين إدارة يختارونها ، و يحدد أجرها ، و أنظمتها ، ثم من شاء من المسلمين دخل فيها ، و التزم بشروطها ، كما هو الحال في شركات المساهمة الدنيوية ، التي يختار المشاركون إدارتها . كما يمكنهم أن يخوّلوا الإدراة تشغيل الأموال المودعة ، و تخصيص نسبة من الأرباح للإدارة مقابل تشغيلها المال ، فضلا عن أجرها على إدارتها للتأمين التعاوني. الاقتراح الثاني : تقوم إحدى الشركات التجارية القائمة الموثوقة ، بفتح مساهمة للناس في تجارتها ، فيساهم فيها الناس بأسهم معلومة ، على أن يكون نسبة من الربح للشركة ، و النسبة الأخرى ترد للمساهمين للإنفاق على مصائبهم ،حسب شروط و ضوابط معروفة ،و لا مانع من أن تنشأ شركة تجارية لهذا الغرض.

شبهات و ردّها : أطبق أهل العلم و أئمة هذا الزمان ، على تحريم ( التأمين التجاري ) ، إلا قليلا منهم ، أوردوا على ذلك شبهات منها : الشبهة الأولى : قال أحدهم : لا فرق بين (التأمين التجاري ) و (التأمين التعاوني ). و قالوا : إذا جاز التأمين التعاوني، جاز التأمين التجاري ... الجواب : إن من تأمل التأمينين وتعريفهما وضوابطهما ، يدرك لأول وهلة الفرق بينهما ، و من ذلك : - الفرق الأول : ( التأمين التجاري ) : فيه طرف أنشأ مؤسسته لأجل الكسب المالي ، عن طريق معاوضة مال بمال ، و معاوضة النقد بالنقد ، محرمة بالإجماع ، لأنها تدور بين القمار و الربا ، بينما لا يوجد هذا المرابي أو المقامر في ( التأمين التعاوني ) لأنهم متعاونون لا متاجرون ، و هذا فرق جوهري ، يكفي وحده ليحرم معاملة ( التأمين التجاري ). فكيف يُسوّى بين طرفين يتقامران ،و لو بنية حسنة ، و بين أطراف متعاونين . - الفرق الثاني : في (التأمين التجاري) طرف إنما عمل لأجل أن يكسب أو يتّجر ، دون تقديم أدنى خدمة فعلية سوى : أعطنا لنعطيك أو لا نعطيك ... ولا يوجد هذا في ( التأمين التعاوني )، لأن قاعدته : يعطي بعضنا بعضا تعاونا و صدقة ... فيا سبحان الله ، أين هذا من ذاك ؟!؟ و كيف لا يفرق بين الكسب عن طريق مال بمال ، و بين الصدقة ؟! - الفرق الثالث : في( التأمين التجاري ) نجد أن المعاملة أصلها غرر ! ...و كيف لا تكون غررا كلها ، و الرجل يدفع الألوف ، و قد لا يستفيد شيئا ، و لا يزال يدفع ، انتظار أن يُدفع له ! وتعريفها –كما سبق-دفع معلوم مقابل ردّ مجهول ، وقد لا يكون بالكلية!فإن لم يكن هذا هو الغرر ، فلا غرر في الإسلام! و كيف يُسوّى بين هذا الغرر اليقيني ، مع معاملة ( التأمين التعاوني ) ، الذي ينعدم فيه الغرر، دقّه و جلّه ، وهو منتف بانتفاء نيّة الكسب ، و استبدالها بنية التصدق على إخوانه المسلمين. فكيف يُدَّعى بعد هذه الفروق الجوهرية : أنه لا فرق بين التأمينين ؟! إن على القائلين بهذا ، أن يعيدوا النظر الفقهي الدقيق في هذه القضية ، فإن فرقا واحدا من هذه الفروق يكفي لتحريم ( التأمين التجاري )، فكيف بها مجتمعة ؟.

الشبهة الثانية : يقول أحدهم معرّفاً التأمين : ( التأمين : شخص يدفع مبلغا من المال ، لشراء طمأنينة نفسه...). قلت : لقد أُبعدت النجعة –بهذا التعريف-، و ضرب بأصول الفقه و طرق الاستنباط عرض الحائط ! و لو قبلنا هذا التعريف ، لقلنا بإباحة الربا ... لأن الربا - على وزن هذا التعريف - : رجل يشترط شرطا لطمأنينة نفسه ! فالتعريف المذكور لم يميز بين العلة الفقهية التي يدور الحكم معها ، و بين الغاية التي من أجلها كانت المعاملة ، و شتّان بين الأمرين ...!! و لذلك كان الصواب في التعريف أن يقال : شخص يدفع مبلغا من المال ، لشراء مال شركة التأمين ، التي لا تدفع طمأنينة ، و لا تبذل جهدا لها ، و إنمّا تدفع ما يحصل به الطمأنينة . فنكتة البحث هي :حكم أخذ شركة التأمين هذا المال ، ثم أكله كلّه ،أو دفعها أقل منه أو أكثر لأجل الطمـأنينة . فالعلة الفقهية المناط بها الحكم هي :( دفع معلوم مقابل عوض مجهول ) ، فأي علاقة للطمأنينة في مقام العلل ؟! و لا أعلم أحدا من أهل العلم قبله قال : بأن العلة التي يدور معها الحكم هي الاطمئنان ! ثم ضرب الفاضل المبيح مثالا على إباحة التأمين فقال : ( قديما ، كانوا يضعون خفارة في الطرق لأجل اللصوص و قطاع الطرق...يدفعون لأشخاص مالا...ما جاءه لصوص ، هل يقال : إنه دفع لهؤلاء القوم مالا بالباطل ؟ الجواب : لا، هو اشترى بماله طمأنينة نفسه ...). قلت : هذا المثال غير دقيق ، بل غير صحيح ، و لا يستقيم أبدا لمن تأمل و فقه ، فالفارق كبير جدا بين التأمين و بين المثال الذي ضُرب ، و لتوضيح هذه المسألة ، و إزالة اللّبس الذي وقع فيه المبيح ،نضرب صورتين : الصورة الأولى :رجل دفع مالا معلوما ، وليكن المبلغ هو (1000) درهما شهريا ،لحارس ليقوم الحارس بنفسه أو وكيله ليحرسه . الصورة الثانية : رجل قال لغنّي : أدفع لك كل شهر ألف درهم لطمأنينة نفسي ، فإن سرقت عوضتني مقدار السرقة ، و إن لم أُسرق فلك ما دفعته لك . و بهاتين الصورتين يتضح المقصود لمن تأمل ، و كان ذا فقه ... الصورة الأولى : لا يشك أحد في إباحتها ، فهي : دفع مال مقابل خدمة فعلية ، يقوم بها الطرف الثاني ، من حراسة و سهر و تعب ، و ما شابه ذلك ، فهي تدخل في باب الجعالة ، بل هي جعالة ، و تعريفها عند أهل العلم : دفع مال مقابل جهد أو عمل معلوم ، فالحارس قام بالعمل المعلوم ، فاستحق المال أجرة. و أما الصورة الثانية : فلا يشك فقيه أنها غير الصورة الأولى : رجل قابع في بيته ، لا يقوم بجهد و لا عمل و لا خدمة ، سوى أنه يقبض ، ليدفع أو لا يدفع ، فهذه محرمة بالاتفاق ، لأنها دفع مال للحصول على مال ،قد يكون ، و قد لا يكون ، و هي صورة من صور القمار ، لمن تدبر و تأمل . و على هذا ، فهل معاملة التأمين أقرب إلى الصورة الأولى ، أم إلى الصورة الثانية ؟ قلت : لا ريب أنها أقرب إلى الصورة الثانية ، بل هي تنطبق عليها تماما ، و هي القمار بعينه. و أما دعوى شراء الاطمئنان ،و المتدبر يدرك أن لا علاقة للطمأنينة في الحكم ، ففي كلتا الصورتين كانت الغاية الطمأنينة ... فقد يأتي جماعة مسلحون هذا الحارسَ ، و يقتلونه ! و يأخذون ما يريدون ! فهل يغرم الحارس ؟! و إذا جاء اللصوص و قتلوا الحارس و المحروس ، فهل يحصل الاطمئنان ؟! فأين دعوى الاطمئنان إذن ، إن كانت صحيحة أصلا ؟ وفي الصورة الثانية - صورة ضمان الغني - : لو جاء اللصوص فإنه يغرم ؟! فبأي حق يأخذ إن لم يحدث حدثا ؟! إن دعوى الاطمئنان ليس لها محل من الإعراب ، في سوق الفقه وباب العلل ...

الشبهة الثالثة : يقول أحدهم : (( يقولون -أي المحرمون-:هو ربا أو قمار ...ماهو صحيح ، لماذا ؟ لأن القمار من المقامرة و المغامرة ، المغامر يدفع مثلا ( 1000 )ألف ريال ،يريد أن يكسب (100000) مائة ألف ريال ، فربما خسر الألف و خسر المائة ألف ، أو حصل على مائة ألف ... )). قلت : إن ذكر هذا الكلام يغني عن الرد عليه ، بل هو رد عليه لمن تأمله ، فإن نفيه القمار عن هذه المعاملة ليس بصحيح ، بل إن المتمعن في مثاله ، يتيقن أن التأمين هو القمار بعينه ، فكما أن المقامر يدفع 1000 ليحصل على 100000 أو يخسر ، فكذلك المؤمّن له يدفع ألفا ، ليحصل على مائة ألف ، أو أقل أو أكثر... فإما أن يربح ، و إما أن يخسر كل ما دفع ، أليس هذا تطابقا بين القمار و التأمين ، إلا خلافا في الاسم و الشكل من أجل الأكل !

الشبهة الرابعة : ثم قال الشيخ الفاضل المبيح : ( نقول : بعض الذين يفتون بأنه لا يجوز التأمين ، نجد أنه يوقع اتفاقيات و عقود الصيانة ، و عقد الصيانة تأمين ، و بناء على ذلك أن التأمين التجاري مباح ، لأنهم أباحوا عقود الصيانة التي هي هم يبيحونها...). قلت : هذا أغرب ما جاء به المبيح ، و الجواب من وجوه : الأول : لا يقاس فرع على فرع ، و إنما يقاس فرع على أصل ، و معاملة الصيانة فرع ، و التأمين فرع ، فلا يقاس هذا على ذاك ... و الأصل منعدم في قياسه هاهنا ، فيبطل القياس جملة و تفصيلا . الثاني : هب أنهم أخطؤوا في إجازة معاملة الصيانة أو لم ينتبهوا إلى حرمتها ، فهل يعني هذا أن نبيح أمرا بناء على خطئهم أو غفلتهم ؟! الوجه الثالث: في الإجابة على هذه الشبهة و هو الأصل : يبدو أن الشيخ المبيح لم يكن لديه دراسة مسبقة عن أنواع التأمين ، و علل كل واحد منها و حكمها ، و هذا يظهر من ارتجاله في الإجابة ... فعقود الصيانة ليست من التأمين المحرم في شيء ، بل هي من عقود الخدمات ، فهي : دفع مال مقابل خدمة معلومة ... نعم ، قد يقع فيها غرر لأحد الطرفين ، و لكن هذا الغرر ليس هو أصل المعاملة ، بل هو طارئ عليها ، و قد بينّا سابقا: أن دفع مال مقابل خدمة معلومة ليس من التأمين المحرم ( التأمين التجاري ) في شيء ، ولا يدخل في باب المغامرة ، و ما كان فيه من غرر يسير أو طارئ يغتفر ، و قد بينّا أن ثمة فرقا بين كون أصل المعاملة غرراً ، و بين كون الغرر يسيراً أو طارئاً. و على هذا ، بطل دعوى المبيح في سنّ ( التأمين التجاري ) المحرم على عقود الصيانة التي يمكن تجاوزا تسميتها بـ ( تأمين الخدمات ) المباح . الشبهة الخامسة و الأخيرة : قوله : ( إن الحاجة الماسة للمسلمين تبيح ما فيه ، و أن التأمين فيه شبهة ... ) و الجواب : قد نقض الشيخ ما بناه ! فقد كان قرر أن التأمين مباح ، ثم عاد فقال : ( إن الحاجة ... ) ! و الصواب : أن التأمين ليس فيه شبهة بل هو محرم بالنص المحرم للميسر ، و لكن الاختلاف في الصورة ليس إلا ّ ، فلا يباح مثل هذا للحاجة ، و سبق تفصيل ذلك في قاعدة ما يباح عند الحاجة . أمّا حاجة المسلمين و مشكلاتهم و مصائبهم ، فهي موجودة و كبيرة و كثيرة ، وتحتاج إلى إيجاد حل ، و لكن يجب أن يكون حلا مشروعا ، فلا يحلّها الحلّ المحرّم كالتأمين ، بل إنما نشأت هذه المشكلات و المصائب التي وقعوا فيها في غياب شرع الله ... فإن مثل هذه المصائب و المشكلات لها حلول كافية وافية في شرع الله لمن عمل به، و قد فصّلنا ذلك في موقف الإسلام من ذلك ، بما يغني عن إعادته . فهناك العاقلة ، و التعاون ، و إذا ترك الناس شرع الله ، فلا يعوضون بما حرم الله لحل مشكلاتهم و مصائبهم ، و لا بما سنّه الكافرون . ثم مادام العلماء متفقين على إباحة التأمين التعاوني ، فلماذا لا يكون هو البديل للتأمين المحرم ؟...إن تقصيرنا لا يبيح لنا مخالفة شرعنا . و لقائل أن يقول : إلى متى ينتظر هؤلاء المستضعفون الملقون في السجون لأجل حادث فعلوه، ولم يستطيعوا تعويض المصاب ... قلت : لا شك أن المشكلات قائمة ، و المصائب مؤلمة ، و إن المسلم الواعي ليشعر بهول هذه المصائب و الكوارث الني أدت بالرجال إلى السجون ، وبالأسر إلى التشرد و الحرمان . لذلك بات واجبا ملحا و عملا عظيما أن يهّب المسلمون ، و أوّلهم أولو الأمر منهم من علماء و حكماء و وجهاء و أغنياء ، إلى اتخاذ القرارات العاجلة ، و إنشاء ما يسمى بالتأمين التعاوني المباح لعلاج هذه القضية ، و لا يجوز لهم -و بخاصة للعلماء- أن يبقوا مكتوفي الأيدي حيال هؤلاء المستضعفين من المسلمين ، وعليهم أن يعملوا بأمر الله من التعاون ( و تعاونوا على البر و التقوى ( ، و قوله ( : ( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه و لا يسلمه ) ، و إن تركهم في السجون هو إسلامهم لمصائبهم ، و هذا لا يجوز ، و سوف يتحمل المقصرون تبعة ذلك ، فإن هذا من الظلم ...و الله نسأل التوفيق و السداد.

ويتنوع الضمان ، فتارة يكون عن النفس ومايصيبها من أحداث ، وتارة يكون ضمانا عن متاع وبضائع منقولة وغير منقولة ، وتارة يكون ضمان صيانة ، لمعدات أو عقار ، أو تقديم خدمة صحية ، أو إغاثة منقطع على الطريق ، وماشابه ذلك ، وبناء عليه يمكن تقسيم التأمين إلى الأنواع التالية :

جدول يبين الفرق بين أنواع التأمين وأحكامها

(

المقدمة ............................................................................ 3

مسائل و قواعد بين يدي البحث ................................................... 3
القضية الأولى ...................................................................... 3
القضية الثانية ...................................................................... 3
القضية الثالثة ....................................................................... 4
القضية الرابعة ...................................................................... 4

القضية الخامسة ..................................................................... 6

القضية السادسة .................................................................... 7
القضية السابعة ..................................................................... 7 أولا : معنى الغرر ................................................................ 7 ثانيا : حكم الغرر ............................................................... 8 ثالثا : أنواع الغرر ............................................................... 9 1-الغرر الكبير الفاحش .................................................... 9 2-الغرر اليسير ............................................................ 10 3-الغرر الوسيط .......................................................... 10
القضية الثامنة ..................................................................... 11
القضية التاسعة .................................................................... 12
أنواع التأمين ...................................................................... 13
معاملة التأمين تحت النظر الشرعي .................................................. 13
تعريف التأمين .................................................................... 14
تحت أي تعريف يدخل التأمين ؟.................................................... 14
تطابق معاملة التأمين مع معاملة القمار .............................................. 15 العلة الأولى .............................................................. 15 العلة الثانية ............................................................... 16 العلة الثالثة ................................................................ 17 العلة الرابعة ............................................................... 17
التحريم الثاني للتأمين :من جهة فساد العقد ......................................... 18
أسباب نشأة فكرة التأمين التجاري .................................................21 الدافع الأول ............................................................... 21 الدافع الثاني ............................................................... 22
معالجة الإسلام لهذه لمصائب المسلمين ............................................. 23
الإسلام و واقع المسلمين ......................................................... 24
النوع الثاني : التأمين التعاوني ..................................................... 26
تباين التأمينين .................................................................. 27
فائدتان جليلتان في التأمين التعاوني ............................................... 28
النوع الثالث : تأمين الخدمات و صوره .......................................... 29
أنواع الغرر الموجود في تأمين الخدمات ........................................... 31
ضوابط إباحة ( تأمين الخدمات ) ............................................... 32
ضوابط الغرر اليسير في ( تأمين الخدمات ) ...................................... 32
قاعدة إباحة ( تأمين الخدمات ) ................................................ 33
النوع الرابع : التأمين الصناعي ................................................. 33
النوع الخامس : التأمين التقاعدي .............................................. 24
جدول الفروقات بين التأمينات ................................................ 25
الخلاصة ..................................................................... 26
مسائل ...................................................................... 27
المسؤولية و وجوب إيجاد حل ................................................. 27
حلول و مقترحات ........................................................... 28
شبهات و ردّها .............................................................. 29
جدول عام يبين الفرق بين أنواع التأمين و أحكامها ............................ 45

( 1 ) - ومن هذه الكتب : ( أحكام عقود التأمين ومكانتها من شريعة الدين ) لعبد الله بن زيد آل محمود ،و(حكم الشريعة الإسلامية في عقود التأمين ) لحسين حامد حسان ، و( التأمين في الشريعة والقانون ) د. غريب الجمال ، و( الإسلام والتأمين ) د. محمد شوقي الفنجري ، و( رؤية شرعية في التأمين ) لعبد الله المنيع ، ومجلة مجمع الفقه الإسلامي ( 2/ 618 ) العدد الثاني .
( 1 ) - الظاهرة : أي التي تظهر للناس ، و ليس المقصود بالظاهرة الغالبة ، وإلا فللمصالح الظاهرة ( الغالبة ) أحكام خاصة ،كما أن المقصود برد المصلحة الظاهرة : معارضة النصوص حين مخالفتها نصا قطعيا أو ظاهرا ، أو أصلا من الأصول .
( 1 ) - القواعد والضوابط (119) كشف القناع (12,5).
( 2 ) - راجع المستصفي للغزالى (2/287) والتمهيد لأبي الخطاب (4/25) .
( 1 ) - الأشباه والنظائر للسيوطي (1/60 ) والتبصرة (1/535) .
( 2 ) - المنتقى ( 5 / 41 ) نقلاً عن الموسوعة الكويتية ( 31- 151) .
( 3 ) - الموافقات (3-305) .
( 1 ) - زاد المعاد ( 3 – 488 ) .
( 2 ) - رواه ابن حبان في صحيحه .
( 1 ) – مادة : غرر ، اللسان ، القاموس المحيط ، المعجم الوسيط .
( 2 ) - راجع الموسوعات الفقهية ، كالموسوعة الكويتية ( 21/ 149 ) ، و المجموع ( 9 / 257 ) والمغني ( 4/15،78) والتمهيد لابن عبد البر ( 21/125 ) وحاشية السعدي على الهداية ( 6/411) ومجموع الفتاوى ( 29 / 22 ).
( 1 ) - مسلم( 1513) وأبوداود (3376) و أحمد ( 2/436).
( 2 ) - المجموع ( 9-258 ).
( 3 ) - مسلم ( 1530) .
( 4 ) - ( النيل 5/160) .
( 5 ) - البخاري ( 2143-2256 ) ، مسلم ( 1514 ) .
( 6 ) – جامع الأصول ( 1/489 ) والنيل ( 5/147 ) .
( 7 ) - مسلم ( 1513) وأحمد ( 2/436) أبو داود ( 3376 ) .
( 1 ) - النيل ( 5/147) وجامع الأصول ( 1/528 ) .
( 2 ) - البخاري (2144 ) ومسلم ( 1512).
( 1 ) - المجموع للنووي ( 9/ص258 ).
( 2 ) - مجموع الفتاوى (29/ص25) .
( 3 ) - المجموع للنووي ( 9/ص258 ).
( 1 ) - رواه الترمذي (2518 ) و قال حسن صحيح ، و النسائي ( 5712 ).
( 2 ) - الموسوعة الكويتية ( 31/153)
( 3 ) - رواه البخاري ( 252 ) و مسلم (1599).
( 1 ) - الموسوعة الكويتية ( 13/152 ) ، وراجع الأشباه والنظائر لابن نجيم ص(121 ) ، والأشباه والنظائر للسيوطي ( 120 ) .
( 1 ) - الفرق بين السبب والعلة : أن السبب لغةً اسم لما يتوصل إلى المقصود ، وشرعاً عبارة عما يكون طريقاً للوصول إلى الحكم غير مؤثر فيه والعلة لغة : عبارة عن معنى يحل بالمحل فيتغير من حال المحل بلا اختيار ، وشرعاً : ما أنيط به الحكم وجوداً وعدما.ً
( 1 ) - لأجل هذه التعريفات ، يمكن مراجعة : الفتاوى (19/283) ومغني المحتاج ( 2/309) وتكملة فتح القدير ( 7/57 ) والمبسوط ( 22/18) والموسوعة الكويتية ( 38/35 ) ( 19/5 ) ( 15/28 ) ، وحاشية ابن عابدين ( 5/267 ) وحاشية البجيرمي ( 4/376 ) .
تنبيه : لما لم يكن البحث في البيع والقمار والجعالة ، كان من غير المناسب التفصيل في هذه التعريفات والترجيح بينها ، بل أكتفيت بالإجمال إشارة للمطلوب فحسب ، والله الموفق .
( 1 ) - أخرجه مسلم (1554 ،1555) . ( 1 ) - المنتقى ( 5/41 ) نقلاً من الموسوعة الكويتية (31/ 151) .
( 2 ) - ولا يخفى أن بين القمار والغرر والجعالة عموماً وخصوصاً مطلقاً ، وأدق من هذا كله أن يقال : إن القمار ما ليس فيه بيع ، وإنما هو مقامرة مال بمال ، وأما الغرر ، فيكون في البيع الذي فيه جهالة ، ومغامرة .
وذهب بعض الفقهاء إلى التفريق بيت الغرر والجهالة ، فالغرر : ماكان يحتمل القبض وعدمه ، والجهالة ما كان مجهول العين أو الوصف ، وقد غلب على كثير من أهل العلم استعمال اللفظين كمترادفين .
( 3 ) - أخرجه مسلم (1513).
( 1 ) - حاشية رد المحتار (5/ 49) .
( 2 ) - أخرجه البخاري (2047) ومسلم (1504).
( 1 ) - رواه الإمام أحمد (21399) ، و ابن حبان (65) ، و إسناده صحيح.
( 1 ) - مسلم (2585 ).
( 2 ) - مسلم (2699 ).
( 1 ) - البخاري ( 2310 ) ، و مسلم ( 2580 ) .
( 2 ) - أبو داود( 4941 ) و الترمذي (1924 ) و قال حسن صحيح ، و أحمد( 6494 )، و غيرهم .
( 3 ) – البخاري ( 5665 ، 2176 ) و مسلم 2586 ، 1619 ) .
( 1 ) - رواه البخاري (2298) ومسلم ( 1619 ) .
( 2 ) - البخاري (456،2155 ) و مسلم (1075) .
( 1 ) - مسلم (1507) .
( 2 ) - راجع المغني (514,9) وما بعدها ، و الفقه المقارن (322,6) .
(1) - الاقتصاد الإسلامي (1-425) للدكتور إبراهيم الطحاوي ، والإسلام و التأمين (ص46) للدكتور محمود شوقي .
( 1 ) - هذا التعبير اصطلاح .
( 1 ) - تأمين خدمة الطريق تعنى أن يقوم المؤمن حال تعطل سيارة المؤمن بإصلاحها أو نقله و أهله إلى مكان آمن إلى حين إصلاحها أو استبدالها على الفور لقاء أقساط شهرية يدفعها المؤمن له .
( 1 ) - يوجد احتمال قوي راجح لإدخال الصانع قيمة التأمين في ثمن السلعة ، فيكون المال مدفوعا بصورة ضمنية غير ظاهرة ، و هذا هو الغالب.
( 1 ) - رواه الترمذي ( 1352 ) والحاكم (7059 ) و صححه الألباني .
( 1 ) - البخاري (456،2155 ) و مسلم (1075) .

-----------------------
شروطه :المشاركون متبرعون ليست غايتهم المادة ، وإنما التعاون .
كلهم طرف واحد .
وإدارتهم منهم .
المال المجموع لهم كلهم .
وما زاد فحسب اتفاقهم .
ليس فيهم رابح ولا خاسر .

مباح

شكلي

التعاون حقيقي

التأمين التجاري

التأمين التعاوني

تأمين الصيانة والاصلاح

تأمين الخدمات

التأمين التقاعدي

وصفه : طرفان متعاقدان لأجل الكسب المالي
أصل المعاملة معاوضه مالية وهي حرام بالاتفاق وتدخل في وصف القمار وبيع الغرر فضلاً عن أنها فيها ربا .
في صياغة العقد خلل كبير وكثير ينطبق على وصف القامرة والغامرة .

مباح

عن طريق شركات التأمين .

الطرف الأول صاحب الخدمة نفسه

محرم تبعاً للأصل

وصفه : هو التأمين التجاري نفسه ، وبالعقد نفسه ، إلا أنهم غيروا اسمه.
وسموه بالتعاوني .

غرر فاحش كالتأمين على حوادث السيارات ، وحوادث الإنسان
( التأمين الطبي) .

حرام بالاتفاق إلا من شذّ

غرر يسير كالصيانة الدورية للسيارات والعلاج والكشف الطبي الدوري .

محرم تبعاً للأصل

وهو قيام الصانع بضمان آلته

غرر متوسط
كالتأمين على خدمة الطريق و عمليات الولادة .

مباح

مباح

محرم

يباح عند تحقق المصلحة الراجحة

Similar Documents

Premium Essay

Accounting

...management accounting systems Ran Tao Introduction Accounting is the process of identifying, measuring and communicating financial information about an entity to permit informed judgments and decisions by users of the information. (Weetman, 2010) Management accounting is a specialist branch of accounting which has developed to serve the particular needs of management. It helps companies to formulate business strategies and make right business decisions. Many different kinds of management accounting systems are available, some include cost-accounting system, job-costing system and inventory management system. In order to make a smart business decision, it is important to select an appropriate management accounting system that integrates with the company’ financial accounting system. Management accounting innovations and origins An innovation is the successful introduction of an idea perceived as new into a given social system, management accounting innovations involve a set of design characteristics. (Hopper, 2007) The innovation aspects consist of for example types of cost objects, financial or non-financial data and allocation bases. If a proposed system leads to better decisions than the existing system, and the expected benefits from the proposed system exceed the cost of implementation, the new system is adopted. (Feltham, 1972; Demski, 1980) In this case, innovative management accounting system is adopted in many businesses. Management accounting change can...

Words: 1631 - Pages: 7

Premium Essay

Accounting

...Managerial Accounting Unit 2 Individual Project Stephanie Davenport American Inter Continental University Details: Unit 2 - Cost Management Dr. Stephanie White, the Chief Administrator of Uptown Clinic, a community mental health agency, is concerned about the dilemma of coping with reduced budgets next year and into the foreseeable future but increasing demand for services. To plan for reduced budgets, she must first identify where costs can be cut or reduced and still keep the agency functioning. Below are some data from the past year. Program Area | Costs | Administration | | Salaries: | | Administrator | $60,000 | Assistant | $35,000 | Two Secretaries | $42,000 | Supplies | $35,000 | Advertising and promotion | $9,000 | Professional meetings/dues | $14,000 | Purchased Services: | | Accounting and billing | $15,000 | Custodial | $13,000 | Security | $12,000 | Consulting | $10,000 | Community Mental Health Services | | Salaries (two social workers) | $46,000 | Transportation | $10,000 | Outpatient mental health treatment | | Salaries: | | Psychiatrist | $86,000 | Two Social Workers | $70,000 | • This is how managerial accounting is different from cost accounting. Cost Accounting: It is the technique or arrangement acclimated for determining the amount of project, process, or affair acclimated by the acknowledged entities in society, or assigned by Authoritative accounting group. Cost accounting is the analysis...

Words: 521 - Pages: 3

Premium Essay

Accounting

...Understanding management accounting techniques in the context of organizational change: as strategic business partners with a responsibility to improve operations, management accountants must identify techniques that support incremental change and h elp transform their firm. EXECUTIVE SUMMARY Driven by the need for organizational change, management accounting techniques have developed and proliferated at an unprecedented rate in the last few decades. Some critics, however, have charged that the changes are a "reinvention of the wheel" every few years. To put these issues in perspective, let's look at a framework created to illustrate the distinctive nature of these techniques in an organizational change context. The framework considers such factors as user resistance and organizational culture that can influence the applicability and implementation success of the techniques. After tracing the history of management accounting beginning in 1850, accounting scholar Robert S. Kaplan comments, "Despite considerable change in the nature of organizations and the dimensions of competition during the past 60 years, there has been little innovation in the design and implementation of cost accounting and management control systems." (1) All the practices employed by companies and described in management accounting textbooks had apparently been developed by 1925, despite major changes in the nature and operations of organizations. To develop the field of managerial accounting, Kaplan and others...

Words: 569 - Pages: 3

Free Essay

Accounting

...professional with nearly 2 years of proven work experience in accounts, client relations and customer service within diversified industries. Career record of achieving set goals and consistent work performance on the basis of dedicated work approach. Ability to work under pressure, effectively meet deadlines and maintain strict confidentiality of documents. Dedicated team player who possesses excellent analytical, problem solving, communication and interpersonal skills. On visit visa with and available for immediate employment. * STRENGTHS * Well experienced Professional * General Ledger preparation * Receivables-Payables Handling * Trained in QuickBooks, Advanced Excel & Financial Modeling * Competencies in Accounting Functions * Excellent Numerical & Computing skills * Possess strong Team playing attitude * Excellent command over spoken & written English(IELTS 5.5) * QUALIFICATIONS * CMA (Certified Management Accountant-US) Processing... Institute of Business Leadership (IBL)-Islamabad (Pak) * PEARSON EXTENDED LEVEL 7 (Pearson Extended Level 7 Diploma in Strategic Management & Leadership (QCF- UK) in Sep 2015) Institute of Business Leadership (IBL)-Islamabad (Pak) * PEARSON PGD Level 7 (Pearson BTEC PGD Level 7 Diploma in Strategic Management & Leadership (QCF- UK) in April 2015) Institute of Business Leadership (IBL)-Islamabad (Pak) * HDA...

Words: 569 - Pages: 3

Premium Essay

Accounting

...Cost & Management Accounting Reporting System -Necessity, Role & Control Framework: An Analysis Management & Cost Accounting Reporting Systems are interwoven in the management processes of all well managed organizations across the globe. The necessity of such reporting systems is going to increase in future as the market-place become highly competitive and organization functions become more complicated and inter-twined. This fact also brings to fore the necessity of a common control framework to monitor this system so that it can contribute effectively and efficiently to the pre-determined organizational goals. What is Cost & Management Accounting Reporting Systems? Cost Accounting Reporting System deals with the process of tracking, measuring, recording and classifying the appropriate allocation of expenditure (financial and non-financial) for the determination of the cost of product or service in an organization and for the presentation of suitably arranged data for the purpose of control and guidance of management ( Horngren et al, 2010). Costs are measured in terms of Direct Costs, Indirect Costs and Overhead / Absorbed Costs. Managers use cost accounting to support decision making to reduce a company's costs of products and services and improve its profitability. Management Accounting Reporting System is concerned with the process of identification, measurement, accumulation, analysis, preparation, interpretation and communication of financial and non-financial...

Words: 1912 - Pages: 8

Free Essay

Accounting

...UNIVERSITY OF EDUCATION WINNEBA COLLEGE OF TECHNOLOGY EDUCATION KUMASI NAME : ASSEM GABRIEL AKROFI PROGRAMME : BSc (ACCOUNTING EDUCATION) LEVEL : 100 CLASS : B SUBJECT : ACCOUNTING COURSE CODE : ACC 111 NAME OF LECTURER : J.Y DWOMMOR INDEX NUMBER : 5151010092 QUESTION With the introduction of computer, accounting as an area of studying has out lead its importance because with two or three weeks of training, a computer programmer can prepare financial statement using computer application. A. What extend do you agree or disagree with this statement? B. In not less than two and less than five pages, write an essay on this issue. SOLUTION I disagree with the motion that a computer programmer can prepare financial statement on his own. To set the issue burning, let us consider who an accountant is and the role he or she performs in an organization as compared to a computer programmer. An accountant is anyone who monitors and records the flow of money through a business or an organization. He or she verify the accuracy of all monetary transactions and to make sure that all these are legal and follow correct guidelines. Accountants may choose to work private individuals and help them with their financial decisions, tax returns or other money related issues. The accountant practises accountancy and accounting which is the disclosure, measurement or provision of assurance about financial information which help investors, tax authorities, managers...

Words: 1379 - Pages: 6

Premium Essay

Accounting

...Management Accounting IEX Prof. Dr. Michael Lederer . Dr © Copyright : Prof. Dr. Michael Lederer Hochschule Furtwangen – Furtwangen University © Copyright : Prof. Dr. Michael Lederer Page 1 Contents overview management accounting A. Introduction and basic concepts A.1 Cost terms A.2. Costing systems and cost allocation A.3 Cost-volume-profit analysis A.4 Operations accounting 5 11 26 63 78 B. The budgeting process B.1 Budgeting B.2 Variance analysis © Copyright : Prof. Dr. Michael Lederer 87 88 114 C. Relevant cost and decision making 136 D. Marketing and pricing decisions 157 © Copyright : Prof. Dr. Michael Lederer Page 2 Recommended literature • • • • • • • • • • Horngren/Datar/Rajan: Cost Accounting. A Managerial Emphasis, Pearson Global Edition Collier: Accounting for Managers, Wiley Horngren/Bhimani/Datar/Foster: Management and Cost Accounting. FT Prentice Hall Atrill & McLaney: Management Accounting for Decision Makers, Pearson Davis/Davis: Managerial Accounting. Wiley Cooke: The McGraw-Hill 36-Hour course in Finance for Non-Financial Managers. McGraw-Hill Bragg: Controller’s Guide to Planning and Controlling Operations. Wiley Roehl-Anderson, Bragg: Controllership - The Work of the Management Accountant. Wiley Blocher/Chen/Lin: Cost Management - A strategic emphasis, McGraw-Hill Professional Dictionary, Accounting; Tax; Banking; German-English/English-German, Schäffer© Copyright : Prof. Dr. Michael Lederer Poeschel ...

Words: 9677 - Pages: 39

Premium Essay

Accounting

...HOFSTRA UNIVERSITY FRANK G. ZARB SCHOOL OF BUSINESS “Educating for Personal and Professional Achievement” DEPARTMENT OF ACCOUNTING, TAXATION, AND LEGAL STUDIES IN BUSINESS ACCOUNTING 231 - COST ACCOUNTING SYSTEMS GRADUATE- 3 S.H. SP 2016 Section A: Wednesday, 3:30-5:50pm, CRN 21871, Starr 210 INSTRUCTOR’S NAME: Dr. Nathan Slavin OFFICE HOURS: Monday and Wednesday 2:25-3:25 LOCATION OF OFFICE: 043 Weller Hall PHONE NUMBER: (516) 463-5690 E-MAIL ADDRESS: actnzs@hofstra.edu Teaching Assistant: Ms. Dan Gu (516) 637-9517 Dgu1@pride.hofstra.edu GENERAL INFORMATION Location of Department Office: 205 Weller Hall Telephone number of Department: 516-463-5684 Department Chairperson: Professor Victor Lopez Department Administrator: Prof. Linda Schain DESCRIPTION OF COURSE This course introduces students to the concepts, conventions, and principles underlying cost accounting and analysis for use by managers for making decisions. At the end of this course, students will understand cost behavior and cost allocation techniques, appreciate internal profitability reporting and analysis, and understand both job order costing and process costing systems utilizing actual, normal and standard costing applications. Also, students will...

Words: 2169 - Pages: 9

Premium Essay

Accounting

...concerned with development and maintenance of accounting records. It is the "how" of accounting. | Accounting is abstract and theoretical. It is concerned with the "why", in other words the reason or justification for any action that’s implemented. | Bookkeeping is a part of accounting. It is mainly a mechanical aspect of recording, classifying and summarising transactions. | Accounting is a four-stage process of recording, classifying, summarizing and the interpretation of the financial statements. | The process of bookkeeping does not require any analysis. | Accounting uses bookkeeping information to interpret the data and then compiles it into reports to present to management. | It records incoming transactions (received payments from customers, etc.) and outgoing transactions (paying for specific bills on the correct time, etc). | They usually deliver the business results in the form of reports. Management can see whether the company is successful or not and with the help of the analysis they can see where the problems come from in case of negative results. | There are two basic kinds of bookkeeping: single entry bookkeeping and double entry bookkeeping. | The accounting department also does preparations of a company’s budgets and plans loan proposals. | The advantages and disadvantages of computerized accounting system: Advantages | * Faster and efficient in processing of information; * Automatic generation of accounting documents like invoices, cheques and statement...

Words: 2854 - Pages: 12

Premium Essay

Accounting

...Accounting Practices Name: XXXXXXXX oooo Accounting I-ACC100 Professor XXXXXXXXX Date: XXXXXXXXX Accounting Practices The year is 2011, and this country has been nearly crippled financially with the corporate accounting scandals. One of the most famous is the scandal of Enron, Waste Management, WorldCom, Qwest Communications, Health South Corporation, and then the infamous Bernard L. Madoff Investment scandal. The Medoff Ponzi scheme robbed millions of hard working people of the savings. This is considered to be the largest investment fraud ever committed by one person. This all lead to the new and enhanced accounting standards which is called the Sarbanes-Oxley Act of 2002. Analyze the new or enhanced standards for all U.S. public company boards, management, and public accounting firms that the SOX required. The Sarbanes-Oxley Act of 2002 (Pub. L. No. 107-204, 116 Stat. 745) is also known as the Public Company Accounting Reform and Investor protection Act of 2002 and is simply referred to as SOX. This Federal law was passed in response to many corporate scandals which was mentioned in the abstract (Consulting, 2011). The public trust in accounting standards diminished, and everyone was pulling their money out of their investments which initiated the recession we are currently in. With the implementation of SOX the public is slowly regaining their trust on accounting practices, by simply knowing there is oversight. This wide ranging legislation has established...

Words: 533 - Pages: 3

Premium Essay

Accounting

...The Accounting Information System http://edugen.wileyplus.com/edugen/courses/crs6348/kieso978... Print this page CHAPTER 3 The Accounting Information System LEARNING OBJECTIVES After studying this chapter, you should be able to: 1. Understand basic accounting terminology. 2. Explain double-entry rules. 3. Identify steps in the accounting cycle. 4. Record transactions in journals, post to ledger accounts, and prepare a trial balance. 5. Explain the reasons for preparing adjusting entries. 6. Prepare financial statements from the adjusted trial balance. 7. Prepare closing entries. 8. Differentiate the cash basis of accounting from the accrual basis of accounting. 9. Identify adjusting entries that may be reversed. 10. Prepare a 10-column worksheet. 11. Apply IFRS to the accounting information system. Needed: a Reliable Information System Maintaining a set of accounting records is not optional. Regulators require that businesses prepare and retain a set of records and documents that can be audited. The U.S. Foreign Corrupt Practices Act, for example, requires public companies to “… make and keep books, records, and accounts, which, in reasonable detail, accurately and fairly reflect the transactions and dispositions of the assets. …” But beyond these two reasons, a company that fails to keep an accurate record of its business transactions may lose revenue and is more likely to operate inefficiently. One reason accurate records are not provided is because of economic...

Words: 929 - Pages: 4

Premium Essay

Accounting

...CHAPTER 1 THE ACCOUNTANT’S ROLE IN THE ORGANIZATION TRUE/FALSE 1. Management accounting information focuses on external reporting. Answer: True/False 2. A good cost accounting system is narrowly focused on a continuous reduction of costs. Answer: True/False 3. Modern cost accounting plays a significant role in management decision making. Answer: True/False 4. Financial accounting is broader in scope than management accounting. Answer: True/False 5. Cost accounting measures and reports short-term, long-term, financial, and nonfinancial information. Answer: True/False 6. Cost accounting provides information only for management accounting purposes. Answer: True/False 7. The key to a company’s success is always to be the low cost producer in a particular industry. Answer: True/False 8. Companies generally follow one of two basic strategies: 1) providing a quality product or service at low prices, or 2) offering a unique product or service often priced higher than competing products. Answer: True/False 9. The supply chain refers to the sequence of business functions in which customer usefulness is added to products or services. Answer: True/False 10. An effective way to cut costs...

Words: 2083 - Pages: 9

Premium Essay

Accounting

...Electronic Accounting in Today's World Leigh M., Yahoo! Contributor Network May 18, 2007 "Contribute content like this. Start Here." .More: Accounting Software Accounts Receivable Accounting Accounting Degree .Share on Facebook Share on Twitter Print Flag Close 4 Helpful? Post a comment Just about everything in the world today has been affected by technology. Particularly, accounting has been affected to the highest degree. There is less paperwork and less guesswork. Accounting software has made accounting much easier to deal with by saving all the information one enter into the system and distributing it the data amongst all the proper locations. There is only one thing accounting software has not simplified is deciding which software to use. If one were to look up the words "accounting software" on google.com one would receive nearly six million results. However, I will only discuss two. Best Software's Peachtree Complete Accounting and Intuit's QuickBooks Pro are two of the most popular small business solution systems on the market today. Peachtree offers five levels of current software ranging from $99.00 for a beginner's version to $499.00 for a premium version. QuickBooks offers six levels of software ranging from $19.95 for an online version to $3,500.00 for an enterprise version. Except exactly how do the two softwares compare in everyday use? Both can integrate with Microsoft Excel. Both systems have accounts payable, accounts receivable, etc. One can track...

Words: 360 - Pages: 2

Premium Essay

Accounting

...When comparing Managerial Accounting information and Financial Accounting information, which of the following, related to Managerial Accounting information, would be true?(It is concerned with estimates of the results of future activities) 2.In which account are the costs of manufacturing a product (that is ready for sale) accumulated until such time as the product is sold? (Finished Goods Inventory)3. Fardohnya Industries, Inc. reports the following information at 12/31/2012: -Acquired $75,000 cash by issuing common stock -Paid $70,000 cash for materials used in the manufacture of 200 units of product -Paid $16,000 cash for administrative salaries -Paid $35,000 cash for factory wages -Recognized depreciation on factory equipment, $5,000 -Collected $160,000 cash on sales made during 2012 -Recognized depreciation on office furniture, $3,500. Fardohnya makes all sales for cash. There are no credit sales. What is the total product cost?(110,000)* Product costs consist of materials used, labor applied, and overhead. Fardohnya, therefore, has a total product cost of $110,000 ($70,000 + $35,000 + $5,000).4. Fardohnya Industries, Inc. reports the following information at 12/31/2012: -Acquired $75,000 cash by issuing common stock -Paid $70,000 cash for materials used in the manufacture of 200 units of product -Paid $16,000 cash for administrative salaries -Paid $35,000 cash for factory wages -Recognized depreciation on factory equipment, $5,000 -Collected $160,000 cash on sales made during...

Words: 3325 - Pages: 14

Premium Essay

Accounting

...(a) Joe Delong is not sure about the difference between cost accouting and a cost accounting system. Explain the difference to Joe. Answer: Cost accounting involves the measuring, recording, and reporting of product costs. A cost accounting system consists of manufacturing cost accounts that are fully integrated into the general ledger of a company. (b) What is an important feature of a cost accounting system? Answer: An important feature of a cost accounting system is the use of a perpetual inventory system that provides immediate, up-to-date information on the cost of a product. 2. (a) Distinguish between the two types of cost accounting systems. Answer: The two principal types of cost accounting systems are: (1) job order cost system and (2) process cost system. Under a job order cost system, costs are assigned to each job or batch of goods; at all times each job or batch of goods can be separately identified. A job order cost system measures costs for each completed job, rather than for set time periods. Under a process cost system, product-related costs are accumulated by or assigned to departments or processes for a set period of time. Job order costing lends itself to specific, special-order manufacturing or servicing while process costing is better suited to similar, large-volume products and continuous process manufacturing. (b) May a company us both types of cost accounting systems? A company may use both types of systems. For example, General Motors uses...

Words: 478 - Pages: 2